نحن كشعبٍ يمني نعرف بوضوح أنَّ مشكلة الآخرين معنا، وفي المقدِّمة النظام السعودي، هو هذا التوجه في موقفنا المبدئي والأخلاقي والإنساني والديني تجاه القضية الفلسطينية، ولمناصرة الشعب الفلسطيني، وبالعداء لإسرائيل، وبالمناهضة للهيمنة الأمريكية والسياسات الأمريكية المعادية لنا كأمةٍ مسلمة، والمستهدفة لنا كشعوب في هذه المنطقة، نحن نعرف أنَّ هذا يمثِّل نقطة الخلاف الجوهرية، والسبب الرئيسي في الموقف من جانب النظام السعودي تجاهنا كشعبٍ يمني هو ومن معه من الأنظمة، كالنظام الإماراتي؛ لأنهم يريدون أن يفرضوا على المنطقة بكلها حالة التبعية لأمريكا والولاء لأمريكا، والتطبيع مع إسرائيل، وهذه سياسة واضحة بالنسبة لهم.
ولهذا رأينا ماذا عملوا هم والخونة من بلدنا، ألم يذهبوا بهم في نفس هذا المسار، ألم يتجهوا بهم في حفلة وارسو ليعلنوا هذا الموقف، وليكونوا في هذا الخط وهذا الاتجاه الذي يتنافى مع ما عليه شعبنا العزيز من مبادئ وقيم وأخلاق، من انتماء أساسي وأصيل للإسلام، هذا الشعب الذي يقول عنه الرسول “صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلى آلِه”: ((الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّة))، هذا الشعب لن تكون مواقفه إلا إيمانية، والموقف الإيماني واضح: هو العداء لإسرائيل، هو المناهضة لأمريكا، هو المناصرة للشعب الفلسطيني المظلوم، هو التحصين لساحتنا الداخلية من الولاء لأمريكا وإسرائيل، ومن التبعية لأمريكا والتطبيع مع إسرائيل، هذا هو الموقف الإيماني، هو التعبير عن هذا العداء، التعبير عنه كلاماً وموقفاً وخطواتٍ عملية.
ولذلك علينا جميعاً أن نصمد في هذا المسار وفي هذا التوجه، وهو المسار الصحيح الذي لن يجدي إلا هو في واقع الأمة بكلها، وهو المسار المنتصر بإذن الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” إنَّ الاتجاه الآخر المتمثل بالولاء لأمريكا وإسرائيل، والتبعية لأمريكا، والتطبيع مع إسرائيل هو الموعود في القرآن الكريم بأن تكون عاقبته الندم والخسران، أن يصبحوا نادمين، وأن يصبحوا خاسرين، وإنَّ التوجه المبدئي والإيماني والصادق والصحيح هو الموعود من الله بالنصر، وهو الموعود بالغلبة، ونحن أمة سنعتمد على الله، وانطلقنا من الأساس نعتمد على الله، ونثق به، ونتوكل عليه ونثق بنصره، وهو القائل: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ}[محمد: من الآية7]، بانطلاقتنا المبدئية التي نتحرك فيها على أساسٍ من التزامنا الإيماني للاستجابة لتوجيهات الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” بهذا نحن نؤمل النصر من الله، والمعونة من الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى”.
المساعي التي يشتغل عليها الآخرون الذين حوَّلوا كل جهدهم، وكل طاقاتهم، وكل أنشطتهم تصب في خدمة إسرائيل، هي اتجاهات خاطئة وخاسرة ومسيئة، وإذا كانوا في سبيل ذلك يضحون، ويخسرون، ويجهدون، ويبذلون في سبيل ذلك الغالي والرخيص، ويقدِّمون المليارات، ويتكبدون الخسائر في كل المجالات؛ فأولى بنا ونحن في موقفنا المبدئي والإنساني والأخلاقي والصحيح الذي نصرّ فيه على تبني المواقف الصحيحة والمستقلة، ونصرّ فيه على التحرر من التبعية لأعداء الأمة، لأمريكا ولإسرائيل، نحن أولى أن نضحي في هذا الاتجاه الصحيح والسليم، في هذا المسار المستقل والمشرف الذي يرضي الله “سُبْحَـانَهُ وَتَعَالَى” والذي فيه المصلحة الحقيقية لشعوبنا وأمتنا، وفيه المستقبل الحر والمستقل لشعوبنا، نحن أولى بالتضحية، أولى بأن نبذل الجهد، أولى بأن نصبر، أولى بأن نصرّ على الخطوات الصحيحة، أن نثبت مهما كان حجم التضحيات، ومهما كان مستوى التحديات.
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من كلمة السيد في يوم القدس العالمي 1440 هـ
* نقلا عن : موقع أنصارالله