ما بين الواقع والمفروضِ التي تَعيشُه الأُمَّــةُ الإسلامية فَجّوةٌ كَبيرَةٌ، إذَا ما قاَرنّا بيْن ما يُريد الله -سبحانه وتعالى- أن نكون عليه، وبين ما نَحنُ عليه الآن في واقعِنا، قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّـة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْـمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بالله وَلَوْ آَمَنَ أهل الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْـمُؤْمِنُونَ وَأكثرهُمُ الْفَاسِقُونَ)، فأين نحنُ من هذه المواصفات التي أراد الله سبحانهُ أن نَكونَ عليها أَو أن نتّصِف بِها؟!
إن ما أصاب الأُمَّــة من الوَهَن والذُّل وعَمى البَصِيرَة إنما هو اختلالٌ في مفهوم الحياة ومفهوم الموت، فأصبح المسلمُ يُحِبُّ الحياةَ ويكرهُ الموت، وهذا ما أكّـد عليه نبينا محمدٌ -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حين قال: (يُوشِكُ أن تَدَاعَى عليكم الأممُ كما تتَدَاعَى الْأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها) فقيل ومن قلة نحنُ يومئذ، قال: (بل أنتم يومَئذ كثير ولكنكم غُثاء كغُثاء السيل، ولينّزعنّ الله من صدور عدوكم المَهابة منكم وليقذِفنّ الله في قلوبِكم الوَهَن) قيل وما الوَهن؟ قال رسول الله: (حُبُّ الدُّنيا وكَرَاهية الموت)، أليس واقعُ الأُمَّــة الآن تَفسيرًا لما ذَكرهُ سيدنا الأكرم من الوهن، لم تعد لنا هيبةٌ في قلوبِ أعدائنا، بل إن المُسْلمين والعرب خَاصَّة أصبحوا يَخافون من أعدائهم؛ حرصاً على حياتهم وأموالهم، أصبحوا يحبونها أكثرَ من حبهم لله ولنَبيّهم ولدينَهم، وأصبحوا عبيداً لأموالهم إلى حَــدِّ خُضوعَهم لأعداء الله، ولكن ليطمئن المؤمنُ فلن يَترك اللهُ المؤمنين على ما هُم عليه من الخِذلان والوَهن الذي أصابهم؛ لأَنَّ حكمته تقتضي أن يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، قال تعالى: (مَا كَانَ الله لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ)، فقد ابتلى الله -سُبحانه وتعالى- الأُمَّــة بهذا العدوّ الصهيوني، ومَن خلفهِ من ملّة الكُفر ليَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وقد تم الفرزُ وتبيَّنَ الخَبيثُ مِن الطّيب، لم نرَ عمالةً وخيانة مُركبة كما هو حاصِل اليوم في عمالة دُوَل وانبطاح شعوب لكيان ليست لهم أية مصلحة في عمالتهم إلى الحد الذي يشاركون أعداء الله في قتل عباد الله، ولكن حسبنا هذه الآية التي يقول الله سبحانه وتعالى: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)، فقد عميت قلوبهم وانسدّ أُفُقُهم وتاهت بصائِرُهم فأصبحوا كالأنعام بل هم أضل.
لم نتوقع يوماً أن يكون العربي المسلمُ حَليفاً للعدو الصُّهيوني وشريكاً له في قتل إخواننا الفلسطينيين!
أليس هذا تأكيدًا لما قاله السيد الشهيد حسين بدرالدين الحوثي -رضوان الله عليه- عندما قال: (إنَّهُ زمنُ كشف الحقائق)؟، فَنحنُ في زمن تَكَشَّفَت فيه الأقنِعةُ وتعرّت فيهِ الأنظمة!