يقول الله عز وجل: {ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِين قُتلُوا فيِ سَبِيلِ اللَّهِ أمَواتاً بَلْ أَحْياءُ عِندَ رَبَّهم يُرزقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِه وَيَسْتَبْشِرُونَ بالّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مَّنْ خَلْفِهمْ أَلاَّ خَوفٌ عَلَيْهِمْ ولاهُمْ يَحزَنُونَ}، وسامٌ رفيع ومكانةٌ كريمة ذكرى حية في القلوب والوجدان؛ في الآخرة مكانة رفيعة ومنزلة عظيمة يحظى بها الشهداء تكريم رفيع وراقٍ، وعطاء بلا نظير من الله عز وجل لمن بذلوا أرواحهم رخيصة فداءً للدين، من سقوا الأرضَ من رحيق دمائهم لنصرة المستضعفين فكانت ذكراهم ذكرى عطرة يفوح منها روح وريحان وَجنة نعيم.
تأتي الذكرى السنوية للشهيد لندخل إلى مدرستهم الخالدة، نذهب لزيارة روضاتهم لنجدها جنة على الأرض يفوح منها المسك والعنبر مزينةً بزهور الأرض فكيف ببساتين الجنة وهي من حولهم؟! هم الشهداء الأحياء، من ضحوا، جاهدوا، صمدوا، تحدوا قوى الشر، جاهدوا بأموالهم وأنفسهم فكانوا أهل العطاء، هم من أحيّوا ثقافة الجهاد؛ فتجسدت أجمل الثقافات لديهم، وتوالت المعجزات في جبهات الميادين ورافقتهم في السهول والجبال، هم الأصوات الملائكية، من تسمعها طيور السماء وأبناء الأرض حين يسبحون ويسجدون وتلهج ألسنتهم عقب كُـلّ انتصار، هم الأنصار المناصرين للحق.
إن الحديث عن الشهداء وفضل الشهادة حديث من أجمل ما يقال فله معانٍ تتسلل للقلوب وتهيم بها العقول تنشرح وترتاح لها الأفئدة، من جسدها أناسٍ أوفياء فدوا وطنهم وضحوا بأرواحهم فكانت رخيصة مقابل حفظ العرض، تطهير الأرض من الغزاة والخونة؛ هَـا هي اليمن طيلة تسعة سنوات تستقبل قوافل الشهداء متسابقين لنيل وسام وتكريم رفيع من الله عز وجل، ألا وهو وسام الشهادة لينضموا إلى جانب الأنبياء أحياء يرزقون، لكم الفوز العظيم أيها العظماء، يا من سطرتم أروع التضحيات وأسماها، سلامٌ من الله عليكم ما تعاقب الليل والنهار.
وللمجاهدين السائرين على خُطَى الشهداء: لكم العزة والشموخ والرفعة والكرامة، يا من تسطرون أروع التضحيات والبطولات، التي آخرُها احتجاز السفينة الصهيونية التي كانت بمثابة صفعة قاصمة وزلزال هز عروش الطغاة والظالمين ليعرفوا لغة القوة التي ترجمها المجاهدون بجميع اللغات حتى وصلت لآخر لغة وهي لغة النصر، دمتم درعًا حاميًا وحصنًا حصينًا لليمن.