يرفع الغرب على الدوام شعارات تعنى بالحقوق، وعلى سبيل المثال حقوق المرأة والطفل والحيوان وحرية القول والإعلام وحق الدفاع عن النفس وغيرها، هذا وكلها قد أسقطوها عن الفلسطينيين، ومن ثم يتساءلون عن سبب خروج الملايين في أُورُوبا لمناصرة أبناء فلسطين وإدانة كيان الاحتلال الإسرائيلي.
فالمواطن الأُورُوبي الذي عاش وتربى على أن للطفل حقوقًا يجب أن ترعى وإلا سيتم مصادرة حق الأبوة أَو أي حق من المسؤول عن الطفل ويتم تربية الطفل المُعنَّف كما يدّعون في أماكن خَاصَّة تابعة للدولة، هذا الأُورُوبي الذي خرج مع العرب والمسلمين شاهد أطفال غزة يذبحون من الوريد إلى الوريد بلا هوادة ودون رحمة حتى أصبحت الأرقام مهولة ومرعبة، ففي أقل من ثلاثة أشهر وحتى يومنا بحسب الإعلام الحكومي في قطاع غزة استشهد أكثر من 7112 طفلًا دون العالقين تحت الأنقاض، ودون الذين تبعثرت أشلاؤهم ويسميهم الإعلام بالمفقودين ودون الجرحى.
أيضاً تعلم المواطن الأُورُوبي أن للمرأة حقوقًا يجب أن ترعى منها حق المشاركة في كُـلّ شيء حتى في رئاسة بعض تلك البلدان، وشاهد الاستماتة الأُورُوبية في الدفاع عن حق المرأة في مخالطة الرجال والتعري والسفر بمفردها وعدم التعنيف، لكنه رأى المرأة الغزاوية مضرجة بدمائها ليس لأتفه الأسباب وإنما بدون سبب، والإحصاءات حتى اليوم لعدد القتلى من النساء في أقل من ثلاثة أشهر توضح مدى فظاعة ما ارتكبه الصهاينة بحق المرأة الفلسطينية حتى استفز غير المسلمين في أُورُوبا وخرجوا للتظاهر والتنديد.
كذلك حرية الصحافة سقطت في فلسطين بتعمد استهداف العدوّ الإسرائيلي للطواقم الإعلامية والصحفيين في غزة وجنوب لبنان، ورأينا كيف مزّق مراسلُ إحدى القنوات البزة الواقية التي توضح أن مرتديها إعلامي لا يجب استهدافه، قام بتمزيقها؛ لأَنَّها لم تحم زملائه ولا داعي أن يرتديها، وآخر تم استهداف منزله واستشهد عدد من أبنائه، أَيْـضاً مراسلة قناة العالم التي تحدثت عن شعورها بعد استهداف شقتها التي أمضت أكثر من عشرين عامًا في جمع ما تحصل عليه نظير عملها الصحفي لتشتريها فجاء الاحتلال وقصفها، ومراسلة قناة “الميادين” وزميلها المصور اللذين ارتقيا شهيدَين باستهدافهما من قبل العدوّ الإسرائيلي؛ فاضطر أبناء غزة نتيجة هذا وأكثر حتى الصغار منهم أن يلعبوا دور المراسلين الصحفيين وينقلوا الصورة ومجريات الأحداث.
أما الحيوان فهو أَيْـضاً لم يسلَمْ من القتل ولا توجد إحصائيةٌ بهذا الخصوص، لكن الإحصائية التي تعنى بالبشر لم يتوقف عدادها أصلاً حتى يتم الحديث عن الحيوان، لكننا رأينا فتاةً صهيونية تحمل كلبها أثناء صفقة التبادل بين المقاومة الفلسطينية والصهاينة كأنها تجسد علاقة الأخوة بينهم وبين الحيوانات، في المقابل إذَا كان البشر في غزة لا يجدون غذاء وماء ودواء إلا بشق الأنفس فما بالكم بالحيوان، أما بقية الدواب فقد حلت محل السيارات نتيجة تعمد كيان العدوّ حرمانهم من المشتقات النفطية.
كلّ تلك الحقوق وغيرها من التي نغفلها سقطت أمام مرأى حكام العالم الذين يحرصون على مناصبهم إلا من رحم الله، وسقطت لدى الأمم المتحدة؛ لأَنَّ الجاني هي إسرائيل ربيبة الولايات المتحدة الأمريكية وبنتها المدللة، أما الشعوب فقد قالت كلمتها ولم تُعِر الاحتلال الذي يبرّر جرمه أي اهتمام وقالوا له أبناء فلسطين يدافعون عن أنفسهم وهذا من حقوقهم المنصوص عليها في العرف العالمي والحقوق المصادق عليها في الأمم المتحدة.
وفي الأخير وصل الجميع إلى قناعة بأن الغرب لا يعوّل عليه وأن الحل في فوهات البنادق وموجود لدى دول محور المقاومة فقط لا غير، فكل الحقوق التي يدعي الغرب رعايتها لم يرعها في فلسطين وما يعنى بها ولن يلتفت إليها أبداً، إلا ما كان من خروج جماهيري نتمنى تصعيده حتى يضغطَ أكثرَ فأكثر على الحكومات، دون ذلك لا حَـلّ إلا ما هو معروف.