على خلفيةِ ما يجري اليوم، تُرى، ما الذي جعلَ السيدَ القائد عبدالملك الحوثي يقرِّرُ المواجهةَ وإعلانَ حالة العداء والحرب ضد الكيان الصهيوني المجرم؟
ما الذي دفَعَ به إلى اتِّخاذ قرار قصف هذا الكيان الصهيوني المجرم بالصواريخ البالستية وكروز المجنَّحة أَو الطائرات المسيَّرة، أَو التعرض للسفن الإسرائيلية أَو تلك التي لها علاقة بهذا الكيان الصهيوني سواءً في البحر الأحمر أَو العربي؟!
وفي أي زمن؟!
في زمنٍ تنصَّلت فيه كُـلُّ القيادات والحكومات والأنظمة العربية عن كُـلّ ما يفترَضُ عليها القيام به ضد هذا الكيان الصهيوني المجرم حتى على مستوى الشجب والتنديد!
يعني: رغم البُعد المكاني والجغرافي..
ورغم علمِه بطبيعة الوضع السياسي والاقتصادي الصعب الذي يعيشُه ويمُرُّ به اليمنُ المحاصَرُ منذ أكثرَ من تسع سنواتٍ كاملة، والذي يُعفِيه لزاماً من أيِّ التزام عربيٍّ أَو قوميٍّ.
رغم علمه وإدراكه بما قد يترتَّبُ على ذلك من تداعياتٍ خطيرةٍ وكارثيةٍ على اليمن..
وأنه بذلك، وفي لحظة، قد يجدُ نفسَه وحيداً في مواجهةٍ مفتوحةٍ مع العالم كله..
رغم أنه يدرِكُ ذلك جيِّدًا.
ويدرك أَيْـضاً أن (الثمنَ) الذي قد يدفعُه اليمنُ؛ جراء ذلك الأمر سيكونُ باهظاً جِـدًّا.
رغم علمه وإدراكه لكل ذلك، إلا أنه، ومع ذلك، لم يتلكأ أَو يتردّدْ في تسخيرِ كُـلِّ الطاقات والإمْكَانات والقدرات العسكرية اليمنية المتواضعة، قياساً طبعاً بما تمتلكُه دولٌ عربيةٌ أُخرى كمصرَ مثلاً أَو السعوديّة أَو الإمارات أَو حتى البحرين، لصالح الانتصار لغزة وفلسطين..!
فما الذي حمله على القيام بذلكَ؟
أهو البحثُ عن الشهرةِ مثلاً كما يقول البعض؟!
أم محاولةٌ منه في تلميعِ صورته في الداخل اليمني كما يزعُمُ آخرون؟!
أم هو استجابةٌ وتنفيذٌ لإملاءاتٍ وتوجيهات (إيرانية) كما دأبت على ترديدِه، ولا تزال، كثيرٌ من القنوات والمواقع الإخبارية المختلفة؟!
أم ماذا يا تُرى؟!
الحقيقة أن الأمرَ لو كان متعلِّقاً (بشهرةٍ) مثلاً أَو (تلميع صورة) أَو أي شيء من هذا القبيل، لَكانَ بإمْكَانه فعلُ ذلك بوسائلَ وأساليبَ أقلَّ كلفةً وآمَنَ جانباً؛ فهنالك من وسائلِ وأساليب الدعايات ما هو كفيلٌ بالقيام بِـهكذا مهمة..
أمَّا لو كان متعلِّقاً بأوامرَ وتوجيهاتٍ إيرانية، لكان بإمْكَانه أَيْـضاً التحايُلُ والتحَرُّكُ (من بعيد إلى بعيد)، كما يقولُ البعض، وذلك كنوع من إسقاط واجبٍ مثلاً أَو أداء استحقاق!
فما الذي إذَا جعل هذا الشابُّ اليمانيُّ يقومُ بما لم يجرؤْ على القيامِ به أكثرُ من سِتٍّ وخمسين دولةً وحاكماً عربياً ومسلماً، بما فيهم (الإيرانيون) أنفسهم..؟
إنَّه المشروع يا سادة..
إنَّها الثقافةُ القرآنيةُ التي شكّلت شخصية الرجل، وأكسبته صفاتٍ إيمانيةً راقية، وراسخة..!
إنها البيئة اليمنية الإسلامية المحافظة التي نشأ وترعرع فيها، واستلهم منها رجولتَه، وهُــوِيَّته، وعاداتِه، وتقاليدَه الأصيلة.
هل تعلمون ما هي مشكلةُ حكام العرب؟
إنهم نشأوا، وترعرعوا في بيئاتٍ أجنبيةٍ منحلة، وبعيدةٍ كُـلَّ البُعد عن قيمِ، ومبادئِ، وأخلاقِ، العرب والمسلمين الأصيلة؛ فأفقدتهم رجولتَهم وثقافتَهم وأخلاقهم العربية والإسلامية؛ لدرجة أنه لم يعد يفرق لديهم اليوم التمييز بين ما هو أصيلٌ وغالٍ وعزيز، وبين ما هو رخيصٌ ووضيعٌ ومبتذل!