دأب المطبعون والمنافقون والعملاء وجماهيرهم، وكافة وسائل إعلامهم على إبراز المجازر اليومية التي يرتكبها الكيان اللقيط في غزة، وما ينتج عنها من دمار ومآسٍ لا تعد ولا تحصى، ولكن حتى في هذا العمل الذي قاموا ويقومون به؛ لم تكن نواياهم حسنة على الإطلاق، إذ من المستحيل على أولئك أن يعيشوا صحوة الضمير نتيجة ما يرونه ويسمعونه من فظائع وجرائم صهيونية غربية ترتكب ليلاً ونهاراً بحق أبناء فلسطين في قطاع غزة الباسلة، فهم المعروفون بخستهم، والمشهود لهم في انعدام الشرف والكرامة والدين والحس والشعور الإنساني. وإذن فالغاية معلومة، والهدف واضح وبين بالنسبة لكل مَن عرف وعايش هؤلاء المنحطين، الذين يتجلببون بشعارات وانتماءات وهمية وخداعة، ويتحدثون عن العروبة والإسلام حديث الغيور على دينه وأمته، وهم خلاصة الصنائع الأمريكية الغربية الصهيونية، ونهاية ما أبدعوه من المسوخ البشرية، ذات الإسلام المؤمرك. أما الغاية والهدف لهؤلاء المطبعين من وراء تركيزهم على حجم الكلفة التي يدفعها الفلسطينيون في القطاع فهو بث الهزيمة في أوساط الأمة وتعزيزها أكثر فأكثر، ليصبح الواقع العربي والإسلامي؛ واقعاً محكوماً بثقافة الهزيمة، لا يرى أملاً في الخلاص مما هو فيه من ذلة وانكسار وعبودية وانعدام وزن، ولا يثق في طلائع وحركات النهضة والثورة والمقاومة والجهاد الصاعدة من دم وفكر وتاريخ وضمير ووجدان الأمة، والآخذة على عاتقها تصحيح وضعية أمتها، واستعادة وجودها، وابتعاث كيانها، وبناء شخصيتها بما ينسجم وتحديات الحاضر، ويضمن صنع المستقبل الخالي من الهيمنة الكلية لقوى وكيانات الكفر والنفاق.
لذلك وجدنا جل تركيز هؤلاء المنافقين منصباً على لوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ومحور المقاومة بشكل عام، وكلهم يسعى لتعميم تلك السردية التي تم إعدادها في مطابخ الموساد والـ»سي آي إيه» وسواها، وهي أن إيران أو الشيعة هم الذين ورطوا المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب، ومن ثم تركوهم للموت والفناء، ومثل هذا الخطاب لا يهدف إلا لإشاعة وتعزيز العداء لمحور الجهاد والمقاومة لدى الشارع العربي، وتبرئة ساحة الكيان اللقيط والغرب والمطبعين والخونة من كل شيء، فالعدو ليس أمريكا و»إسرائيل»، وإنما أحرار ومجاهدو الأمة في المحور، وكفى بهذا بياناً لمستوى ما قطعه هؤلاء المنافقون من مسافات على طريق الخسة والدناءة والابتذال واللؤم والسخف والوضاعة والانحلال والتحلل!
إن الفلسطيني اليوم يعي ويدرك قبل غيره؛ أن ما يدفعه من دماء وأرواح، ويقاسيه من آلام ومعاناة وجوع وغربة وظلم؛ لن يذهب هباءً، ولن يُترك سدى، كونه الثمن المطلوب دفعه لاستعادة الأرض والوجود والمقدسات، ليس في فلسطين فحسب، وإنما في كل بقاع العالم الإسلامي والإنساني الحر.
إن خطاب المنافقين المشبوه لن يُكتب له النجاح، لسبب بسيط هو أن الذين يمرغون أنف أمريكا والكيان اللقيط في التراب لأكثر من شهرين هم من أبناء الشعوب التي ذاقت الويلات، وتجرعت الأمرين، وقوتلت، وحوصرت، وتم العمل على استئصالها بكل الطرق، والوسائل، ومع ذلك بقيت، وازدادت نمواً واتساعاً ومكانة وقوة ونضجا وفاعلية، والأمثلة في ذلك كثيرة، وممتدة من إيران فالعراق فسوريا فلبنان فاليمن، ولولا ما بذله هؤلاء المجاهدون من تضحيات جسام، ودفعوه من أثمان لما وجدنا اليوم أمريكا والصهاينة وحلفاءهم تحت أقدام حفاة اليمن في البحرين الأحمر والعربي، ورأينا مَن يسومهم سوء العذاب في لبنان وغزة وسوريا والعراق.
إن يمن الأنصار ما كان ولا صار كذلك؛ إلا بفعل الدماء التي سُفكت، والأرواح التي أُزهقت، على امتداد قرابة عقدين من الزمن، لذلك فانتصار فلسطين؛ تكتبه الدماء والأشلاء، التي ستبعث من تحت الركام جيل تحرير القدس، جيلٌ هو أذانٌ من الله في صرخته وصاروخه، في قلمه وبندقيته. وهنا قُتِل المطبعون.
* نقلا عن : لا ميديا