تحتل “إسرائيل” أربعة موانئ فلسطينية رئيسة، ثلاثة منها على البحر الأبيض المتوسط، وهي “عسقلان” و”أشدود” و”حيفا”، والآخر هو “إيلات” على خليج العقبة بالبحر الأحمر المتوسط.
ومع بداية الأحداث الأخيرة في أكتوبر 2023، تمكنت المقاومة الفلسطينية من إخراج ميناءي عسقلان وأشدود عن الخدمة بعد استهدافها بزخات متفرقة من الضربات الصاروخية، ما أجبر “إسرائيل” على توجيه السفن منها إلى ميناء إيلات جنوباً بعد أن تمر عبر قناة السويس، وهو إجراء تلجأ إليه في كل تصعيد عسكري بقطاع غزة.
ويتمتع إيلات “ام الرشراش” بميزات كثيرة أهمها بعده عن قطاع غزة، ووجوده ضمن محيط عربي مطبع، كما أنه مهيأ لاستقبال مختلف البضائع بما فيها النفط، تحسباً لخروج الموانئ الأخرى عن الخدمة.
إلا أن الرياح اليمنية جرت بما لا تشتهيه السفن الإسرائيلية، فالهجمات الجوية والحصار البحري أخرجت إيلات بشكلٍ شبه كلي عن الخدمة، للمرة الأولى منذ سبعينيات القرن العشرين.
وبهجمات غزة وصنعاء يخرج ثلاثة موانئ محتلة عن الخدمة، ليضطر الرابع منها، وهو حيفا، إلى استقبال ضغط السفن القادمة إلى “إسرائيل”، ما جعل السفن تنتظر في طوابير طويلة لأسابيع، والبعض منها غادر تحسباً لهجمات محتملة.
أي أن حيفا اليوم هو المنفذ الحيوي اليتيم للكيان الصهيوني على البحر، وفي حال تعرض لما تعرض له إيلات وعسقلان فإن “إسرائيل” ستدخل في مرحلة حرجة ستكون الأولى من نوعها، وقد تُعرض الكيان لخطر الزوال بسبب تدهور الوضع المعيشي.
تلعب العقوبات الاقتصادية دوراً محورياً في أي مواجهة سياسية، وطالما نفذتها واشنطن ضد خصوم تل أبيب كإجراء أولي غالباً ما ينتهي بآخر مسلح، وهذه المرة انقلب السحر على ساحره، وها هي إسرائيل تشرب من نفس الكأس.
خبراء إسرائيليون حذروا من خطورة الوضع إذا خرج ميناء حيفا عن الخدمة، سيما مع تصاعد عمليات المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، واقتراب صواريخ حزب الله من المناطق الحساسة في “إسرائيل”.
كما أن الجيش السوري، إذا ما دخل المواجهة المباشرة مع إسرائيل، فإن ميناء حيفا سيكون الفريسة الأسهل والأنسب لخنق الصهاينة، نظير جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة.
وبالنسبة للموانئ البرية التي لجأت إليها “إسرائيل” عبر عملائها في الإمارات والسعودية والأردن، فهي مجرد حلول بديلة مؤقتة ومكلفة في الوقت ذاته، ومن الصعب الرهان عليها في حال طالت العقوبات على الكيان الصهيوني، سيما لو تعرضت هي الأخرى لهجمات مماثلة.
* نقلا عن :السياسية