من يكرس حياته لنفسه فسيكون الموت آخر محطاته في هذه الدنيا، أما العظماء فيرحلون وتبقى مآثرهم خالدة، لأنها لله وليست بدوافع مادية مؤقتة.
الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه، واحد من أولئك الخالدين القلائل في هذه الحياة، فقد أنفق حياته لله ونصرة المستضعفين، وها هو اليوم يتجلى مشروعاً عملياً يهدد الطغاة ويرعب المنافقين.
وما نراه اليوم من مواقف مشرفة ترفع رؤوسنا نحن اليمنيين، وتكسر قيود المحتل عن أرض فلسطين، إنما ذلك كله من ثمار الشهيد القائد الذي قدم حياته لله، ومن تكون حياته لله، يتكفل الله برعايتها وإثرائها.
إن كل انتصار يتحقق للأمة في الميدان هو من إنجازات الشهيد القائد، وكل قوة ترهب اليهود هي من بطولاته هو قبل أن تنسب لغيره، وما كان لنا أن نتشرف بنصرة الحق وفلسطين في هذا اليوم لولا منهجه القرآني الذي أضاء الطريق في زمن العتمة، وجعل اليمانيين بفضل الله سادة العالم وقادةً للمستضعفين.
وكم عرفنا في بلادنا من زعماء وقادة ومشايخ، ملئوا الدنيا ضجيجًا في حياتهم، لكنهم تبخروا فور خروجهم من الدنيا، لأن مشاريعهم تلك كانت لأجل السلطة والمال، وقد حققوا مبتغاهم وانتهى بانتهائهم إلى الأبد.
ولولا فضل الله علينا، ومنحه لنا ولياً من لدنه، لكان حالنا اليوم كحال سائر الشعوب العربية، تنعدم لدينا الكرامة ونعتاد المذلة والاحتلال، فلا يصدر منا موقف واحد ندفع به سوء ما ابتلينا به.
لقد عرفنا بفضل الله ونعمته علينا، عبر الشهيد القائد، أن الإسلام دين عظيم، يصنع الرجال ولا يقبل الهزيمة، وقد مان المراد لنا في الزمن الغابر أن نتبرأ من الإسلام بدعاوى المدنية والتقدم.
لقد عرفنا بمشروع الشهيد القائد أن اليمن بلد عظيم، وأن رجاله هم خير رجال الأرض، وهي رؤية افتقدناها في زمن الباطل، يوم كنا نقدس كل ما هو أجنبي، ونزدري أنفسنا لأننا فقط من اليمن.
لم نعد نتقبل الوصاية والاملاءات من أحد، وليس للوصاية الخارجية أي نفوذ في بلدي، إلا لمن سفه نفسه وتخلف عن مشروعنا القرآني العظيم.
تعلمنا من الشهيد القائد أن معيار الحق والباطل ليس بالمال وكثرة الاتباع، بل باتباع كتاب الله وتوجيهاته التي صدَّرها في القرآن الكريم، وأن العقائد الصحيحة يجب أن تطابق كتاب الله، ما لم فهي مغلوطة ولو آمن بها كل شيوخ الأرض.
تعلمنا منه أن الله لا يترك عباده رعاعاً بلا مشروع وبلا قيادة، بل يصطفي لهم من خيرة الرجال لترتفع الأمة وتنتصر على أعدائها، تعلمنا ولا نزال نتعلم، ومع كل ملزمة نزداد خبرة بالواقع، لأن أعلام الهدى لا يقدمون تنظيراً أجوف، كما هو حال الساسة والفلاسفة، بل يخاطبون الواقع بلغة القرآن، فينتشلون به الأمة من الحضيض إلى القمة.
وهكذا مسارنا يستمر في الصعود ما دمنا متمسكين بحبل الله الذي يتجلى في القرآن وقرناء القرآن، ونحن على عهدنا حتى نلقى الله تعالى أعزاء كرماء بإذن الله.
* نقلا عن :السياسية