كيانٌ جديدٌ لما تسمى الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن تتشكّلُ ملامحُه في الرياض ويقوم على تناغُمٍ خليجي صهيوني -على ما يبدو لكثير من المراقبين- لحماية المصالح الأمريكية “الإسرائيلية” في المنطقة، ويشترك في هذا الكيان غالبية الدول المنضوية فيما يسمى التحالف “العربي” الذي يشن عدواناً شاملاً وحصاراً مطبقاً على الشعب اليمني.
وبحسب عرّابي التطبيع، فالكيانُ المزعوم إلى جانب السعوديّة يضم كلاً من “مصر والأردن والصومال وجيبوتي والسودان” واليمن حسب الطلب الخليجي ويهدف إلى حماية التجارة العالمية وحركة الملاحة الدولية، وهي الذريعة التي استعاض بها ولي عهد السعوديّة بن سلمان عن شرعية الفار هادي لتبرير وشرعنة عدوانه على اليمن والتحكم بثرواته ومقدراته، وقد حظيت هذه الذريعة بمباركة أمريكية وتأييد صهيوني لافت.
بالطبع، لا يوازي هذا الكيان أَوْ يلغي كيان العدوّ الصهيوني بقدر ما سيكون ضامناً لبقائه وديمومة مصالحه باعتبارها المهمةَ الأساسية الموكلة على عاتق النظام السعوديّ، حسب تأكيدات الرئيس الأمريكي ترامب في أَكْثَــر من مناسبة ليس آخرها قوله لولا السعوديّة لكانت “إسرائيل” في ورطة.
في كُــلّ الأحوال فمبادرةُ الملك السعوديّ لا تخرُجُ عن المرتكزات الجيو سياسيّة والاقتصادية المطروحة أمريكياً لإرساء قواعد خارطة طريق متكاملة لإعَادَة صياغة المنطقة تقودها المملكة وتسعى من خلالها لتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وتصفية القضية الفلسطينية لمصلحة الوجود الصهيوني عبر إبرام صفقة القرن المزعومة.
وسبق للجنرال السعوديّ أنور عشقي في مؤتمر بواشنطن منظم من قِبل مجلس الشؤون الخارجية الأمريكية أن أفصَحَ عن خطوات عملية لإتمام مشروع التقارب والتعاون مع كيان العدوّ تنطلق محركاته من الربع الخالي إلى أثيوبيا ثم جيبوتي واليمن، وهذا ما يتطلب بحسب المُخَطّط فصل جنوب البلد عن شماله وإنشاء قوة عربية بدعم أمريكي وأوروبي.
ولا يوجد تفسيرٌ آخر لإنشاء ما يسمى كيان الدول المشاطئة للبحر الأحمر الممول سعوديّاً غير ما تبديه الولايات المتحدة من حرص دائم على أمن الكيان الإسرائيلي بعيداً عن الشعارات والعناوين السعوديّة الإماراتية البراقة في بُعدها القومي لا سيّما فيما يخص أمن اليمن واستقراره ووحدة أراضيه؛ كونه البلد العربي الوحيد الذي يتمتع بميزة الإطلالة الفريدة والهامة على البحر الأحمر وكذا البحر العربي.
ولأن الشعب اليمني يرفضُ مشروع الهيمنة الأمريكي، تجري رحى حرب دولية لاستكمال السيطرة على سواحله الممتدة من حضرموت شرقاً حتى حجة شمالاً لانتزاع نقاط قوته وشواهد حضارته وحضوره المؤثر في رسم الخارطة الجيو سياسيّة للمنطقة بمنأىً عن سياسة التبعية والارتهان.
ويمثل الإعلان عن كيان سعوديّ جديد مؤشراً يمهد لميدان المعركة الاستراتيجية والصراع الكبير في منطقتنا العربية لامتلاك نقاط القوة والتحكم بحركة التجارة العالمية بين القوى الإقليمية والدولية على رأسها واشنطن وبأيادٍ سعوديّة إماراتية.