ونحن نشاهد الوجه الحقيقي للشعب اليمني، ونرى أننا أصبحنا رقماً عالمياً وأمَّة تناطح القوى الاستعمارية، وتقف بكل قوة في صف الحق ونصرة المستضعفين من إخواننا في غزة، نتساءل لماذا لم يحظَ اليمنُ بمثل هذا في الزمن البائد؟
والحقيقة أن اليمن كان عظيماً عبر التاريخ، إلا في مرحلة معينة وهي مرحلة الخائن عفاش التي دامت لأكثر من ثلاثة عقود، كان اليمن فيها أضحوكة العالم، ورمزاً للهوان والضَعف، رغم أن مقومات النصر والكرامة كانت متوفرة في تلك الفترة كما هي اليوم، إلا أن الصغار يرون الشرف الكبير فوق مستواهم.
لقد فعَّلت اليمن موقعها الجغرافي في عدة محطات من الصراع العدو الصهيوني، أبرزها في حرب أكتوبر 1973، وسبقها أيضاً عمليات عسكرية ضد السفن الإسرائيلية مثل استهداف ناقلة النفط الإسرائيلية (كورال سي) في يونيو 1971.
إلا أن اليمن تخلى عن سيادته على باب المندب والبحر الأحمر بمجرد وصول عفاش إلى السلطة في يوليو 1978، وهي المرحلة الذهبية للملاحة الإسرائيلية، وصار المندب وقفاً على أعداء اليمن وفلسطين، وشُغل الرأي العام المحلي بقضايا تافهة تعكس الفراغ الذي يعيشه حكامه الخونة.
ولم تكن عمالة عفاش لإسرائيل خافية على أحد، ويكفي أن العفافيش اليوم يتباهون بها، ويبررون ذلك بأعذار واهية، وحجج سخيفة تفضح مدى العار الذي يعيشونه اليوم بغية الحصول على المال السعودي والإماراتي، والذي من شروط الحصول عليه التخلي عن ثوابت الأمه ومنها فلسطين.
وقدَّم الكثير من معاصري عفاش شهادات تؤكد ارتباطه بالموساد الإسرائيلي من قبل وصوله للسلطة، حيث التقى بمسؤولين صهاينة في مدينة أسمرة أثناء التمهيد للإطاحة بالرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي، إلا أن الدليل الدامغ على عمالته لإسرائيل هو غياب السيادة اليمنية في البحر الأحمر، رغم الحديث الواسع عن إنشاء عفاش لمؤسسة عسكرية لا تقبل الهزيمة.
وبالفعل بنى عفاش جيشاً لكن لحماية مصالحه الشخصية، ولقمع الشعب وسحق أي تحركات تحررية لأبنائه، في وقت كان يحمي فيه الغزاة ومصالحهم التدميرية، وقد رأينا كيف كان يتخلص من السلاح الوطني بتوجيهات أمريكية مهينة.
ولذا لا غرابة أن يترحم الصهاينة أو حتى يبكون على هلاكه، فقد مثَّل رحيله سقوطاً لمشروع الوصاية الخارجية على اليمن وشعبها العظيم، والذي يقف اليوم بكل ثقله إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
*نقلا عن :السياسية