تعيش الأمة الإسلامية والعرب بالذات، مرحلة من الانحطاط في مختلف مجالات الحياة، بلغت حد اليأس حتى من تغيير واقعها إلى ما هو أفضل.
وبسبب ذلك الخمول الحضاري ترسخ لدينا جميعاً أن غيرنا من الأمم والشعوب هم أعلى منَّا شأناً، ولا سبيل لنا أن نحذو حذوها، أو ننافسها بندية، فالسائد لدينا أننا أقل وعياً وإدراكاً بالمقارنة مع الغير، وسنظل على حالة التخلف إلى الأبد.
وهذه مفاهيم غير صحيحة وغير دقيقة، وبإمكاننا أن نتخطى مرحلة الجمود والانحطاط تلك، إلى أن نصبح في طليعة الشعوب العظمى، بل وأكثرها قوةً وملكة، شريطة التغيير.
وقد قدَّم السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في محاضرة امس – ١٠ رمضان ١٤٤٥ – تشخيصاً دقيقاً لواقع الأمة، وكيف وصلت إلى حالتها الراهنة والسبيل إلى الخروج منها.
ولعل من أبرز ما ذكره السيد القائد أن نظرة العرب إلى الحياة يجب أن تتغير لتواكب الرؤية القرآنية التي رسمها الله للبشر، فقد رهن الله تغيير الواقع بتغيير النفوس، وهذا ما ينبغي أن نكون عليه.
فنظرتنا – نحن العرب – إلى الحياة هي نظرة خاطئة، وتعتمد في مجملها على ما يقدمه الغرب لنا من علوم ومعارف، وقد نجحوا من خلالها في تكريس (عقدة الأجنبي) في نفوسنا، وبتنا لا نرى لأنفسنا فضلاً إلا بالجري وراء رؤيتهم للحياة والتي قدمت العالم لنا حضارةً مادية بلا أخلاق.
وكل ذلك سينتهي إذا ما قررنا التغيير لواقعنا، وأن يكون لنا الطموح في الريادة، وهو حق لكل شعوب الأرض، والعرب أولى بذلك ولكنهم يجهلون الأسلوب والمنهج.
فالإسلام دين الله الذي ارتضاه لعباده، وبه فقط ستنهض البشرية بكل جوانبها، بما فيها الجانب الأخلاقي، وقد اختص الله العرب لحمل الرسالة الإلهية، فهم خير أمة أُخرجت للناس، ومنهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وبلسانهم نزل كتاب الله الذي هو المنهج السوي لقيادة البشرية لما يسعدها في الحياتين.
ولا سبيل للعرب أن ينهضوا بغير الإسلام، والالتزام حرفياً بتعاليمه، فالعرب قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، كانوا أمة جاهلية، وهم كذلك ما ابتعدوا عنه، وقد نجح أعداء العرب في الفصل بينهم وبين أسباب القوة، المتمثلة في القرآن والرسول، فكانت النتيجة ما نحن عليه من الخضوع لهيمنة اليهود.
ومع ظهور المشروع القرآني من اليمن، تتجه الأمة إلى واقعٍ جديد، يعتمد على المنهج الصحيح القادر على تحقيق أهداف الأمة، والبداية بتغيير ما في النفوس من عقائد وثقافات باطلة، بتغيير ما في النفس إجباري لتغيير الواقع بأسره.
ومحاضرات السيد القائد تؤسس للمستقبل الإسلامي المنشود، وتبني أمة قوية تعتمد على القرآن الكريم في كل تحركاتها، وكل ما علينا هو الطاعة والتسليم لأولي الأمر، كما وجهنا الله سبحانه في كتابه.
فنحن أمام الولاية التي تجب طاعتها، لأنها تجسد التوجيهات القرآنية بالحرف، ومن يتابع كلمات السيد يدرك أن كلها توجيهات من كتاب الله، ليس فيها شيءٌ من الاجتهادات البشرية التي أضاعت المسلمين، وكانت سبباً في تخلفهم على مدى قرون خلت، ولا بد هنا من الرجوع إلى المنهج الصحيح الذي كنا به سادة الأمم.
نقلا عن : السياسية