|
لماذا ننْصَح قيادة حركة “حماس الخارج” بشدّ الرّحال إلى صنعاء دُونَ أي إبطاء؟
بقلم/ عبدالباري عطوان
نشر منذ: 6 أشهر و 11 يوماً الإثنين 13 مايو 2024 09:27 م
تتعرّض الدّولة القطريّة هذه الأيّام لضُغوطٍ مُزدوجة لفكّ علاقاتها مع حركة “حماس” وإغلاق مكتبها السياسيّ في الدوحة من الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، ومن المُتوقّع أن تتزايد هذه الضّغوط في الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة بعد انهِيار مُفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى بين الجانبين الفِلسطيني والإسرائيلي، واقتحام القوّات الإسرائيليّة لمدينة رفح في مُقامرةٍ يائسة وخاسِرة لتحقيق أيّ انتصارٍ صغير لإنقاذِ ماءِ وجْه الكيان الإسرائيليّ وقيادته.
إغلاق مكاتب قناة “الجزيرة” الفضائيّة في الأراضي الفِلسطينيّة المُحتلّة عام 1948 الذي جرى تطبيقه قبل بضعة أيّام، هو أحد فُصول هذه الضّغوط الإسرائيليّة، ويُمكن أن تتطوّر هذه الخطوة وتتوسّع بحيث يمتد هذا الإغلاق إلى الضفّة الغربيّة والقطاع المُحتلّين سواءً بشَكلٍ مُباشر، أو غير مُباشر، من حيث اغتيال مُراسلي المحطّة مثلما حدث لأكثر من 145 صحافيًّا من العاملين في القطاع من بينهم عدد من الصحفيين في القناة.
أحد قياديي حركة “حماس” في الخارج كشف في لقاءٍ له مع مجموعة محدودة من قيادات إسلاميّة أردنية على هامش مُشاركتهم في مُؤتمر حول القدس انعقد في إسطنبول وافتتحه الرئيس رجب طيّب أردوغان ووصلت تفاصيله إلينا، اعترف القيادي الحمساوي، أنّ دولة قطر تُراجع فِعليًّا “تقييمًا” لدورها في الوِساطة بين “حماس” والاحتلال وسط تسريبات تقول إنّ نتائج هذا التّقييم قد تتمثّل في الطّلب رسميًّا من قيادة “حماس” الرّحيل من الدوحة رُضوخًا لهذه الضّغوط الأمريكيّة والإسرائيليّة.
وكشف هذا القيادي أن حركة “حماس” لم تتلقّ أيّ طلب بإغلاق مكتبها في العاصمة القطريّة “حتّى الآن”، ولكنّها تدرس عن كثبٍ جميع خِياراتها، وتُجري اتّصالات مع العواصم البديلة لجسّ النّبض، ولكن تظلّ صنعاء من بين العواصِم الأكثر ترجيحًا وربّما تفضيلًا أيضًا.
السيّد محمد البخيتي أحد قادة حركة “أنصار الله” اليمنيّة أكّد في تغريدةٍ له على حسابه على منصّة “إكس” أو التويتر سابقًا، ترحيب الحُكومة في صنعاء، والسّيد عبد الملك الحوثي تحديدًا، والشّعب اليمني بأيّ لجوء لحركة “حماس”، وقال “مُرحِّبًا بهم، وبالمُناسبة فإنّ مصيرنا واحد لأنّ أمن اليمن من أمنِ فِلسطين كما جاء في الآية 18 من سورة سبأ (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِى بَٰرَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَٰهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِىَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ)”.
ربّما يُجادل البعض بأنّ صنعاء ليست آمنة، ولا نُبالغ إذا قُلنا إنها من أكثر العواصم العربيّة أمنًا واستقرارا في الوقتِ الرّاهن، وربّما في المُستقبل أيضًا، فرُغم الحرب التي تشنّها القوّات البحريّة اليمنيّة ضدّ السّفن الإسرائيليّة والبريطانيّة والأمريكيّة في البحرين العربي والأحمر وخليج عدن والمُحيط الهندي مُنذ ستّة أشهر تقريبًا تضامنًا عمليًّا وفِعليًّا مع المُقاومة وأهل قطاع غزة الصّامد.
نشرح أكثر ونقول إنّ الكيان الإسرائيلي، ورُغم ترسانته العسكريّة التي تضمّ أحدث الصّواريخ والمُسيّرات والغوّاصات لم يجرؤ مُطلقًا على الرّد على الصّواريخ التي قصفت سُفنه وميناء أم الرّشراش (إيلات)، ولم تُطلق إسرائيل رصاصة واحدة على اليمن خوفًا وتَجَنُّبًا لأيّ تورّطٍ في حربٍ طويلة مع هذا البلد وشعبه الذي لا يهاب الموت، ويسعى للشّهادة، وتاريخه حافل بالانتِصارات على امبراطوريّات عُظمى على رأسِها الامبراطوريّتين العثمانيّة والبريطانيّة والقائمة تطول.
اليمن، دولةً، وشعبًا، سيُوفّر الحضانة الدّافئة والدّاعمة لقيادة حماس الخارج إذا ما قرّرت شدّ الرّحال إليه سواءً طوعًا، أو بسبب أي قرار إبعاد قطري رُضوخًا للضّغوط الأمريكيّة والتّهديدات الإسرائيليّة، مُضافًا إلى ذلك أنّنا لم نَعثُر على أيّ أدلّةٍ في تاريخه تُشير إلى إبعاده من لجأوا إليه، أو استجاروا به مِثل بعض العواصم المُرشّحة الأُخرى من بينها العاصمة التركيّة.
نَنْصَح قيادة حركة “حماس” الخارج بنقل مكتبها إلى صنعاء فورًا، ودُونَ أيّ إبطاء، وعدم انتِظار أيّ خطوة، ولو افتراضيّة بالإبعاد من الدّوحة، فالتزام الشّعب اليمني وقيادته بالقضيّة الفِلسطينيّة لا يحتاج إلى إثبات فسَمُّوا لنا من فضلكم دولة واحدة، صُغرى أو عُظمى قصفت، أو تقصف البوارج أو السّفن التجاريّة الأمريكيّة غير اليمن ورِجاله، وذكّرونا بأي قيادة عربيّة أغلقت البحرين الأحمر والعربي والمُحيط الهندي، وتستعدّ للمرحلةِ الرّابعة، أي إغلاق البحر المتوسّط في وجْهِ السّفن الإسرائيليّة غير اليمن.
*نقلا عن : السياسية |
|
|