بعد انهيار الاتّحاد السوفيتي عام 1989 الذي كان المنافس والقوة العسكرية الموازية لأمريكا، وضع المخطّطون العسكريون الأمريكيون استراتيجيات عسكرية يضمنون من خلالها هيمنة أمريكا على العالم على مدى القرن الواحد والعشرين، والتغلب على الدول التي قد تشكل تهديداً محتملاً على المكانة الدولية التي تحتلها مثل روسيا والصين والهند، ففي المجال العسكري دخلت أمريكا بعد سقوط الاتّحاد السوفيتي مباشرة في مرحلة عسكرية جديدة أطلق عليها الخبراء العسكريين، «الجيل الخامس من الحروب»، الذي يعتمد على قيادة وإدارة المعركة العسكرية وفق أحدث التكنولوجيا والتصنيع العسكري، حروب الجيل الخامس الأمريكية هي حروب شاملة تدار وتوجّـه عن بعد وتعتمد على الطيران والقوة الصاروخية الموجهة يلعب فيها جانب الحرب الإعلامية والنفسية دوراً كَبيراً في كسر شوكة الضحية وهزيمتها، لذلك طورت أمريكا أحدث طيران الدرونز الحربي بدون طيار، (طائرة MQ 9) لتنفذ بها قصفاً جويًّا ضد خصومها كما حدث في حروبها على تنظيم القاعدة، استخدمتها في حروبها على أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليمن، هي طائرات حديثة جِـدًّا تمتلك تكنولوجيا متقدمة ومعقدة وترتبط بشبكة قيادة وسيطرة عبر مراكز قيادة أرضية وعبر الأقمار الصناعية وطائرات التجسس المقاتلة مثل طائرة الأواكس، لطالما استخدمت أمريكا ذلك النوع من الطيران لتستبيح به أجواء وسيادة الدول والشعوب ولتصطاد بها خصومها تحت مسمى محاربة الإرهاب ولتستعرض بها عضلاتها على العالم وتظهر بها قوتها، أدركت أمريكا إن حلمها في السيطرة على العالم بدأ يتبدد خَاصَّة بعد ما دخلت إيران في عالم تصنيع الصواريخ الباليستية والمجنحة وبعد دخول روسيا الاتّحادية عالم صناعة صواريخ الدفاعات الجوية الأكثر تطوراً في العالم مثل منظومات صواريخ الدفاع الجوي S 300 وَS 400، جاء العدوان الأمريكي السعوديّ على اليمن وبعد عام 2018 وفي وسط مرحلة العدوان، بدأت موازين القوى العسكرية تميل لصالح اليمن على مستوى الجبهات التي حقّق الجيش واللجان الشعبيّة فيها انتصارات كبيرة على العدوّ مثل ما حدث في جبهات وادي آل أبو جُبارة ونهم والجوف ومأرب والبيضاء، وفي مجال تطور القوة الصاروخية والطيران المسيّر اليمني الذي نفذ عدد من الضربات الجوية داخل السعوديّة والإمارات طالت المصالح الاقتصادية والقواعد العسكرية السعوديّة، وفي نفس الوقت طور الجيش اليمني سلاح الدفاع الجوي، حَيثُ بدأت أولى طائرات الدرونز الأمريكية MQ 9 بالسقوط على تراب اليمن، مع ذلك السقوط المذل لفخر السلاح المسيّر تساقطت القوة الأمريكي وتراجع نفوذها على العالم، وتم إسقاط القوة العسكرية الدفاعية الأمريكية من يوم تجاوزت فيه الصواريخ الباليستية والمجنحة اليمنية منظومات صواريخ الباتريوت الدفاعية الأمريكية ووصلت إلى أهدافها داخل مملكة بني سعود رغم كثافة الأحزمة الدفاعية على مدن وقواعد عسكريّة ومصالح اقتصادية سعوديّة، اليمن هو من مرغ السلاح الجوي الأمريكي في الحضيض فقد ألغت عدد من دول العالم صفقات أسلحة الدفاع الجوي مع أمريكا، مثل تركيا التي ألغت صفقات أسلحة الباتوريوت وثاد بمليارات الدولارات واتجهت نحو روسيا لشراء البديل من أسلحة الدفاع الجوي الروسي S 300 وبعدها S 400، سقطت هيبة أمريكا وقوتها العسكرية في اليمن على يد رجال الجيش ومجاهدي اللجان الشعبيّة، من نتائج ذلك السقوط للقوة العسكرية الأمريكية، ما حدث للقبب الحديدية الصهيونية في عمليات سيف القدس وعمليات (طوفان الأقصى)، من فشل في عدم المقدرة على صد صواريخ المقاومة الفلسطينية واللبنانية، تحطمت أقوى التحصينات الدفاعية الصهيونية أمام المجاهدين، وبسلاحهم الذي هزم السلاح الأمريكي، يوم الجمعة الماضي (17 مايو 2024) أسقط الجيش اليمني طائرة درونز أمريكية بدون طيار من طراز (MQ 9) في سماء محافظة مأرِب اليمنية بصاروخ دفاع جوي يمني الصنع، وبالأمس القريب تم إسقاط طائرتين من سماء محافظة صعدة اليمنية وتم إسقاط طائرة في سماء البحر الأحمر، كلها حدثت بصواريخ دفاع جوي تم صناعتها وتطويرها في اليمن، السقوط المدوي لفخر الصناعات العسكرية الجوية الأمريكية وسط حالة التوتر العسكري بين اليمن وأمريكا؛ بسَببِ مواقف اليمن المناصرة والمنحازة مع الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في قطاع غزة، هو إيذان بسقوط مدو للغطرسة والغرور وإيذاناً بنهاية الحلم الأمريكي وتلاشيه في الهيمنة على العالم وبنهاية فعالية جيلها الخامس من الحروب الذي فاخرت به العالم، وظهور جيل سادس وسابع من الحروب على أيدي مجاهدي قوى محور المقاومة الممتد من إيران والعراق حتى لبنان وفلسطين وُصُـولاً إلى اليمن الذي فرض قواعدَ جديدة للاشتباك، برهنت على صلابتها وقوتها ساحات الاشتباكات في غزة والبحر الأحمر والمحيط الهندي.
وغداً إن شاء الله في البحر الأبيض المتوسط وحينها سوف يتحقّق وعد والله ووعد الآخرة، وينتهي الوجود الصهيوني المحتلّ في فلسطين والهيمنة الأمريكية من المنطقة العربية والإسلامية والعالم.