السياسية || صادق سريع*
تخيّل نفسك تعيش في قصر كبير يقبع داخل أسوار محصَّنة بسياج حديدي، وأسلاك مكهربة، وتقنية استشعار عالية الدقة، وكاميرات نهار - ليلية، ورادارات إنذار مبكر تعمل عبر الأقمار الاصطناعية، وعدد لا بأس به من أبراج المراقبة، وثكنات الحراسة على امتداد ذلك السُّور الكبير المرصوص بمصابيح الإنارة الليلية شديدة التوهج، وكم هائل من كلاب الحراسة ورجال الحماية ذو الحس الأمني العالي والذكاء الحاد والمهارة العالية في استخدام أسلحة القنص بأشعة الليز، والتصويب على حاسة الدم، وحركة الأجسام الغريبة، ورفرفات العيون.
وفي يوم ما، وبينما أنت مستمتع بالجو الهادئ في القصر المحمي بأحدث تقنيات أنظمة الحماية العسكرية والأمنية لتأمين ذاتك وقصرك وحشمك وخدمك وحاشيتك، إذا بجسم غريب يخترق كل تلك التحصينات المنيعة من حيث لا تعلم، فيصيبك بالصدمة وخيبة الأمل من وقوع ما لم يكن في الحسبان.
مثلما كان "كيان إسرائيل" يعيش جو الأمن والأمان على أرض فلسطين المحتلة، تحت حماية رابع أقوى جيش في امتلاك التقنية، والرابع عشر في ترتيب الجيوش الأقوى في العالم، وأقوى أجهزة الاستخبارات، آخر إصدارات التقنية العسكرية، وأحدث أجهزة الاستشعار عن قُرب وعن بُعد وكاميرات الرّصد حتى النّملة والذبابة والطائر الصغير، إذا ما حاول بالخطأ اجتياز السياج الحديدي المحاط على غزة والدخول إلى مستوطنات الكيان يتم احتساب محاولاتهن عمليات اختراق فاشلة.
لكن دوام الحال من المحال، فقد تغيّر الحال، وانتهى عصر الأمن والأمان لـ"إسرائيل" مُنذ الساعات الأولى لفجر جمعة 19 سبعة 2024، باختراق الطائرة اليمنية المسيّرة الجديدة "يافا"، المصنوعة محليا، بخاصية التخفي والقدرة على التسلل، وحمل رأس حربية ملونة بخارطة وعلم فلسطين، مركز قرار الكيان، ومعقل الصهيونية في منطقة يافا المحتلة، المسماة "تل أبيب"، في كيان "إسرائيل".
إذاً، وفق اعتراف صحيفة "كالكاليست" العِبرية، انتهى "عصر السماء الصافية" في "إسرائيل"، بفشل أنظمة الدفاع الجوية "الإسرائيلية"، فشلا مدوِّيا؛ بعد انتهاء مفعول أنظمة ومنظومات الدفاع والحماية والدروع والأحزمة النارية الثمانية لـ"إسرائيل" كالقبة الحديدية، ومقلاع داوود "وآرو- 3 "حيتس"، وباتريوت، ورادارات التحكم والإنذار المبكر "ثاد وأرو-3"، و"Super Green Pine" بمديات طويلة تتجاوز ألف كم.