السياسية - تقرير || صادق سريع*


اعتبره الصهاينة وزير دفاع حماس وعقلها المدبِّر، ومهندس "طوفان 7 أكتوبر"، ورجل المواقف الصارمة، الذي لا يساوم في الثوابت الوطنية ولا يقبل التنازلات، وهو مجنون غزة، وكابوس الغرب، وبُعبع "إسرائيل"؛ في نظر العرب الأحرار.. فبما سيُلقّب يحيى السنوار بعد أن أصبح قائداً لـ"حماس"؟

وعلق المحلل والصحفي خليل موسى على إعلان حماس، بالقول: "لم يكن مجرد اختيار، وإنما قنبلة سياسية لـ"إسرائيل".. إن كتابة أسم السنوار قائداً لحركة حماس بالخط العريض، هذا وحده يُدخل الكيان وحلفاءه في تعقيدات لا تُحل بسهولة".


صدمة أغسطس

لقد مثَّل إعلان تنصيب يحيى السنوار رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس، يوم ثلاثاء الـ 6 من أغسطس 2024، مفاجأة غير متوقعة لـ"إسرائيل"، خلفا للقائد الشهيد إسماعيل هنية، الذي اغتيل بعدوان صهيوني في إيران، في الـ31 من يوليو 2024، أثناء زيارته طهران للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان.



إذ تلقت الدوائر السياسية والعسكرية والأمنية والاستخباراتية "الإسرائيلية" صدمة موجعة للمرة الثانية بتعيين عدوها اللدود ومطلوبها الأول، السنوار، قائداً أعلى لحماس، مطلع أغسطس الجاري، بعد صدمة "7 أكتوبر" 2023.

ضربة موجعة

وفق العقيدة السياسية والعسكرية الصهيونية، يشكِّل إعلان اختيار حماس للسنوار ضربة موجعة لـ"إسرائيل" تضعها أمام تحدِّيات مشروع التحرر الوطني الفلسطيني الذي فشلت في إجهاضه.

وإن تنصيب قائد عنيد لا يقبل التنازلات تعد رسائل سياسيّة وعسكرية تشير إلى التصعيد العسكري ضد "إسرائيل"، وتعني في قاموس السنوار أن لا مساومة على نزع سلاح الحركة، وأن سيطرة حماس ستبقى على القطاع في اليوم التالي للحرب.

الصهاينة اعتبروا خطوة حماس، استفزازية تعقِّد عملية التفاوض بشأن إطلاق سراح أسرى "إسرائيل" الـ139 لدى حماس، مُنذ عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر 2023، وصولا لإنهاء الحرب في غزة.

يقول مؤسس ورئيس مركز "إسرائيل" - فلسطين للبحوث والمعلومات"، غيرشون باسكين:"إن اختيار السنوار شكَّل ضربة موجعة للذين ظنوا أن حماس قد تسمح للآخرين بحكم غزة في اليوم التالي للحرب".

وأكد الباحث "الإسرائيلي" الجيوسياسي في الشرق الأوسط، ديان شموئيل إلماز، في مقال بصحيفة "غلوبس"، أن انتخاب السنوار رسالة واضحة لـ"إسرائيل" والأنظمة العربية المعتدلة، مفادها بأنه "لا يمكن التوصل إلى تسوية سياسية مع حماس".

وقالت هيئة البث العبرية: "إن تعيين السنوار رسالة تهديد ومفاجأة لـ "إسرائيل"؛ كونه لا يزال حياً، وأن حماس لا تزال قوية".

وإذ يؤكد محلّل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، آفي يسخاروف، اختيار حماس الشخص الأخطر، يعتقد محلل الشؤون العربية في إذاعة الجيش "الإسرائيلي"، جاكي خوري، أن الحسم سيكون في الميدان لا عبر الطاولة الدبلوماسية.

ويعتبر الباحث السياسي بـ"مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، بشير عبد الفتاح، اختيار السنوار رسالة تصعيدية تعني - بلغة الحركة- مواصلة المقاومة ضد الكيان الصهيوني مع تأكيد عدم التراجع تحت أي ضغط.

وفي نظر الكاتب المختص بالشأن "الإسرائيلي"، إيهاب جبَّارين، أصبح رئيس الحكومة "الإسرائيلية"، بنيامين نتنياهو، في مواجهة ندية مع السنوار الذي يفهم العقلية "الإسرائيلية"، قائلاً: "على المجتمع الصهيوني أن يتحمّل هذه المعادلة".

قائد لا يقبل التنازلات



وبينما قال المتحدث باسم الجيش "الإسرائيلي"، ريتشارد هيخت: "إن السنوار وجه الشر"، يصفه الضابط "الإسرائيلي" السابق في جهاز الأمن الداخلي ميخا كوبي، الذي استجوبه أكثر من 150 ساعة أثناء اعتقاله، بـالرجل الصارم والأكثر صعوبة وراديكالية، وخالٍ من المشاعر، ولكنه ليس سيكوباتياً، أي ليس مختلا عقلياً.

وأكد الباحث في معهد "مشغاف" للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية، البروفيسور كوبي ميخائيل، بالقول: "في ظل تمسك السنوار بمواقفه الصارمة وثوابته الوطنية، وعدم تقديمه أي تنازلات، لن تنجح إسرائيل في القضاء على الحركة، وستعود إلى دور صاحبة السيادة في حكم القطاع".

وباركت الفصائل الفلسطينية حركة حماس اختيار يحيى السنوار رئيساً لها، بما فيها حركة فتح، التي اعتبرت القرار -على لسان أمين سر لجنتها المركزية، جبريل الرجوب- رداً منطقياً ومتوقعاً على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية.

وقال مسؤول العلاقات العربية في حركة الجهاد الإسلامي، رسمي أبو عيسى: "إن اختيار السنوار، وهو المطلوب الأول للكيان، أرسل رسالة للراعي الأمريكي مفادها أن أي محاولة لاغتياله ستضع مفاوضات صفقة الأسرى في طريق مسدود".

في حين كان الرد "الإسرائيلي" بدعوة وزير خارجيتها، يسرائيل كاتس، بتعجيل تصفية السنوار، قائلاً في تغريدة على منصة "إكس": "تعيين السنوار على رأس حماس سبب إضافي لتسريع تصفيته، ومحو حماس من الخريطة".

وفور إعلان اسم السنوار، قال رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي"، هيرتسي هاليفي: "إن تغيير مسمى السنوار لا تمنع اغتياله".

يُشار إلى أن الجيش "الإسرائيلي" رصد مبلغ 400 ألف دولار مكافأة لمن يدلي معلومات عن السنوار الذي لم يظهر علناً مُنذ السابع من أكتوبر الماضي.

رسائل حمساوية

وأعلن القيادي أسامة حمدان، في 6 أغسطس الجاري في تصريح مرئي لوسائل الإعلام ، اختيار حماس يحيى السنوار لرئاسة الهيئة التنفيذية بإجماع مجلس شورى الحركة، وأجهزتها المختلفة.. مؤكداً وحدتها وإدراكها بالمخاطر التي تواجهها.

المؤكد -من وجهة نظر الحمساوي حمدان- أن "خطوات الحركة تثبت قوتها وقدرتها على اختيار القادة، وأن أي ضغوط لن تثنيها عن مبادئها وثوابتها، مع تأكيده فشل محاولات الموساد الإسرائيلي في كسر شوكة المقاومة.

ويعتبر منصب رئيس المكتب السياسي أعلى مرتبة تنظيمية في الحركة، التي تجري انتخابات عامة كل أربع سنوات، لانتخاب مجلس شورى يضم أعضاء المكتب السياسي، الذي ينتخب الرئيس ونائبه.

على الصعيد الداخلي، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بفلسطين، حسن أيوب: "إن تعيين السنوار وقدرته على التواصل مع الفصائل الفلسطينية سينعكس في إصلاح علاقة حماس مع السلطة الفلسطينية".

وحسب الخبراء، فإن انتهاج السنوار سياسة تصفير الخلافات الداخلية والإقليمية حقق المصالحة مع النظام المصري، وأنهى القطيعة بالنظام السوري، وحاول تقريب الحركة مع النظام السعودي.

الخلاصة..

في ظل غياب صوت الإنسانية والصمت العالمي المُخيف، على "إسرائيل" دفع ثمن اغتيال الحل والعقل السياسي المعتدل، الشهيد إسماعيل هنية، الذي لحق بقوافل الشهداء الـ 40 ألف شهيد وأكثر من 90 ألف جريح، في حرب عدوانية وإبادة جماعية للمدنيين العُزّل بغزة، وتتحمل تصرّفات كابوسها السنوار في ميادين القتال وتحت الأنفاق.