|
أمريكا العدو التاريخي والحضاري للأمة..؟!
بقلم/ طه العامري
نشر منذ: شهرين و 13 يوماً الخميس 22 أغسطس-آب 2024 07:16 م
قلت دائما وأردد ما أقوله وهو أن (الكيان الصهيوني) ليس (دولة) بل (قاعدة عسكرية) متقدمة لحماية مصالح أمريكا والمنظومة الاستعمارية الغربية، إنه مجرد قاعدة لأمريكا مثله مثل قاعدة (عين الأسد في بغداد) أو قاعدة (العديد) في قطر، أو قواعدها في سوريا والأردن والسعودية ومصر والمغرب وبقية دول الخليج، وكما أن قواعدها في الدول العربية أخذت لها مساحة من جغرافية المدن، فإن قاعدتها (الكيان ) أخذ مساحة أكبر من جغرافية الوطن العربي هي فلسطين ومعها امتدت أياديه لانتزاع أجزاء من سوريا ولبنان..؟!
هذه القاعدة العسكرية المقامة في فلسطين كانت مهمتها الدفاع عن مصالح أمريكا والتصدي لخصومها من الزعامات والتيارات الراديكالية العربية المناهضة للنفوذ الأمريكي _الصهيوني، وفي ذات الوقت إبقاء الوطن العربي ومكوناته في حالة صراع وضعف وتجاذب وخلافات وتمزق اجتماعي والحيلولة دون تمكين أي دولة عربية من امتلاك عوامل القوة والتقدم والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.. وترى واشنطن والغرب الاستعماري أن من الأهمية بمكان بقاء الدول العربية في حالة تخلف اجتماعي، وفي حالة ارتهان مطلق لأمريكا والدول الغربية الاستعمارية بذريعة حمايتها من بعضها وان يكون الكيان الصهيوني القاعدة الاستعمارية المتقدمة في الوطن العربي- هو الكيان المتفوق عسكريا واقتصاديا والأكثر تطورا وتنمية وبقدرات عسكرية تفوق ما لدى المكونات العربية مجتمعة، بما فيها حلفاء وأصدقاء أمريكا والمرتهنين لها وللمنظومة الاستعمارية الغربية، فأمريكا والدول الاستعمارية الغربية لا يثقون حتى بحلفائهم من العرب، وثقتهم تختزل فقط بالكيان أو القاعدة التي أوجدوها في فلسطين ..؟!
قد تكون أمريكا والغرب استطاعوا -لفترة طويلة – تغليف نفاقهم ووقاحتهم وانحيازهم للكيان الصهيوني طيلة عقود زمنية خلت، كان فيه الكيان الصهيوني ذا قدرة واقتدار على العربدة والغطرسة والتحرك على خارطة الوطن العربي بسلاسة ومن وراء ستار، أو جهرا دون خشية من ردع أو عقاب فيما أمريكا والغرب مهمتهم مطالبة العرب بضبط النفس وتسويق خطاب سفسطائي كاذب عن ( السلام المزعوم) أو (سلام الوهم) الذي تردده أمريكا والغرب منذ عملوا على إخراج مصر كبرى الدول العربية من معادلة الصراع، من خلال ابرام اتفاقية (كمب ديفيد) ومن ثم العمل على تدجين الوعي السياسي للنخب المصرية وجعلها تقدس (كمب ديفيد) التي أصبحت بمثابة ( عقد اجتماعي مقدس) وملزم للنخب المصرية المتتالية، وتجريد الجيش العربي في مصر من عقيدته العسكرية واستبدالها بعقيدة هلامية محصورة في النطاق الوطني المصري دون النظر لتداعيات الأقليم بما في ذلك فلسطين القضية والحقوق، والأمن القومي العربي بمفهومه الاستراتيجي..!
لم تقف أمريكا عند هذا النطاق من الفعل الذي رأت أنه كفيل بتوفير الحماية الاستراتيجية لكيانها اللقيط أو لقاعدتها العسكرية وديمومة تفوقها على كل دول المنطقة، بل راحت تستهدف كل نظام عربي يتبني استراتيجية تنمية وطنية وامتلاك عوامل القوة والاستقرار، بل استهداف أي نظام عربي يعمل على تجذير ثقافة العداء للصهاينة ويكرس في ذاكرة أجياله ووجدانهم هذا العداء، ويزرعون في ذاكرة الأجيال حقيقة أن فلسطين أرض عربية محتلة وأن تحريرها واجب كل عربي ومسلم. مجرد تكريس هذه المفاهيم في ذاكرة الأجيال العربية تعتبر- بنظر أمريكا والمنظومة الاستعمارية الغربية جريمة تستوجب العقاب وتعتبر عداء للسامية لا تقبل بها (دول العالم الحر والدول الديمقراطية بما فيها الكيان ألصهيوني) الذي يعد كيانا عنصريا فاشيا ينتهج سياسة رعاته وفي مقدمتهم واشنطن بطلة إبادة ( الهنود الحمر) واستعباد وامتهان الأفارقة والمتاجرة بهم، ومجرمة فيتنام، تليها بريطانيا التي امتهنت كرامة نصف سكان المعمورة، وتسببت فيما يجري في فلسطين للشعب الفلسطيني على يد العصابات الصهيونية.. وفرنسا التي تاريخها أسود في الجزائر وسوريا ولبنان، وفي دول القارة الأفريقية. بمعنى أن حماة القاعدة الصهيونية في فلسطين ليسوا أنظف منها بل هم قدوتها في الإجرام والتوحش وإبادة شعوب العالم في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
لقد حرصت أمريكا وشركاؤها خلال العقود الماضية على ابتكار الأسباب التي تمكنها من تدمير أي قدرة عربية يحققها هذا النظام القطري العربي أو ذاك، كما أحكمت سيطرتها على( منابع النفط في الخليج) كما أحكمت سيطرتها- بمساعدة حليفتها بريطانيا على تشكيل وتطويع الأنظمة الخليجية وإحكام القبضة عليها، بذريعة حمايتها من تربص ( الفقراء العرب) الذين يرغبون في ( نهب ثرواتها) أو مشاركتها هذه الثروة، الأمر الذي دفع أنظمة الخليج إلى الارتباط بأمريكا وبريطانيا والدول الغربية، ولم يكن هذا الارتباط (نديا) بل كان ولا يزل يمثل ارتباط (العبد بسيده)، ولا يزال حكام وأنظمة الخليج بمثابة (عبيد) لأمريكا وبريطانيا، حالهم حال (أفارقة أمريكا) قبل قرار ( إبراهام لنكولين) بتحريرهم من العبودية وحياة الرق، ليدفع حياته ثمنا لقراره الإنساني هذا، فيما الشعوب الخليجية بدورها تعيش حياة العبودية لحكامها عبيد أمريكا وبريطانيا ..؟!
*نقلا عن :الثورة نت |
|
|