بعد أربعة أعوام وأشهر من العدوان السعودي الإماراتي على اليمن، أنطق الله بعض السياسيين اليمنيين المتحالفين مع دول العدوان والرابضين في أحضانهم والمستمتعين بحالة (الاسترخاء الرخيص) كثمن بخس للسكوت الطويل على ما يتعرض له بلدهم الجريح ولشعبهم الصابر من عدوان.
لقد ازدادت حدة نبرتهم الخطابية والكتابية معاً في الآونة الأخيرة وكأنهم اكتشفوا فجأة بأن لدى دول العدوان مشاريعه ومخططاته الجهنمية الخاصة تجاه اليمن، ترى هل كان ذلك بسبب الاستيقاظ المفاجئ للضمير الخاص بهم؟!!، أم أن هناك معلومات خطيره تسربت إليهم من جهة ما!!! قد بلغت مسامعهم سراً حول تلك المشاريع المقيتة على اليمن، أو أن مصالحهم الخاصة تناقضت مع أصحاب القرار لدول العدوان، كل تلك التكهنات أصبحت رائجة ومنتشرة ومتداولة ومادة إخبارية يومية تُقال في مجالس القات وتُلاك على ألسن الجميع لدى الرأي العام المحلي اليمني.
كيف حدث ويحدث كل ذلك التحول الخطابي لدى هؤلاء (الساسة)؟
كيف يحدث هذا التحول بعد أربع سنوات ونيف؟
علماً بأنها كانت سنوات عجاف مرت على الشعب اليمني، تجرع خلالها ما لم يذقه ولَم يصادفه في كل تاريخه حتى اليوم، لقد ذهب ضحيتها مئات الآلاف من اليمنيين بين قتيل وشهيد وجريح ومفقود، وصادف الملايين منهم حالة من التيه وضاعوا بين مشرد ونازح وجائع ومريض.
وبعد كل تلك المناورات وأصوات المدافع وهدير الطائرات التي زلزلت جبال اليمن الرواسي وسهوله المنبسطة ومدنه العامرة وقراه المدد في كل شيء تقريباً، بعد كل ذلك يكتشف هؤلاء (السـاسـة) فجأة بأن دول العدوان لديها مشاريعها (الخاصة) في اليمن، والغريب في الأمر أنهم قالوها علناً للجميع بأنهم يبدو قد أخطأوا التقدير، وانهم ضلوا الطريق ولم يفهموا إلا مؤخراً أنهم جاؤوا إلى اليمن من أجل هدف آخر غير ما أعلنت عنه تلك الدول في بداية العدوان.
دعوني هنا اذكر هؤلاء (الساسة الرابضين) في مدينتي الرياض وأبوظبي بما قاله كلٍ من السيد/ راند بول، والسيد/ ليندزي غراهام عضوا الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري في احدى مداخلاتهما ليوم الخميس الموافق 20 يونيو 2019م، أمام اجتماع الكونجرس وهو يناقش موضوع حجب بيع السلاح الأمريكي الذي بلغت قيمة الصفقة قرابة (ثمانية مليارات) دولار لكلٍ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة كونهما تستخدمان ذلك السلاح في الحرب الموجهة على اليمن مما يعرض المدنيين ومنهم الأطفال لخطر الموت. وأن أبرز ما طرحاه من طروحات موجهة ضد السعودية في حربها على اليمن الآتي:
إن حرب السعودية والإمارات قد أوصلت 17 مليون مواطن يمني إلى حافة الهاوية بما فيها المرض والجوع والتشرد، وأن الحرب الموجهة ضد اليمن قد خرجت عن السيطرة تماماً، وأن هناك الآلاف من المدنيين اليمنيين قد سقطوا أمواتاً أو جرحى جراء الحرب، وأن الأسلحة الأمريكية التي بيعت للسعودية والإمارات قد دمرت البُنى التحتية لليمنيين.
هذا قول واضح وصريح لمن يفهم المعادلات الرقمية في السياسة والإعلام وحتى الأخلاق، فالرأي العام العالمي قد ضاق ذرعاً من العدوان ولم يعد يتحمل سلسلة الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني، فإذا كانوا هكذا هو سلوك وتفكير الأجانب من غير المسلمين، فالأولى أن يستشعر المسؤولية الأقربون فالأقربون من بني جلدتنا وديننا الإسلامي الحنيف، أما السياسيون اليمنيون حلفاء دول العدوان فهم المعنيون بالمسؤولية الأخلاقية والوطنية والدينية وأن يعودوا لجادة الصواب.
للتذكير فحسب فإن السياسيين (الهواة) وربما المبتدئين قالوا منذ اللحظات الأولى من تدخل السعودية والإمارات بهذه الوحشية العدوانية على صنعاء، عدن، الحديدة، تعز، شبوه، لحج، صعده، ذمار وجميع المحافظات التي تعرضت للتدمير الحاقد على كل شيء، نعم قال هؤلاء الهواة بأن هذا العدوان لا مثيل له في الأثر والهدف والمغزى والحقد، فكيف بهؤلاء السياسيين (المعتقين) والمحترفين يتأخرون كل هذه المدة لكي يفهموا ويستوعبوا مغزى العدوان؟؟؟ إنه أمر عجيب ومحير!!!.
السؤال المباشر لهؤلاء (الساسة) المحترفين الرابضين في حضن العدو هو الآتي:
من أعطى الإذن للسعودية والإمارات بالتدخل العسكري العدواني في اليمن؟
من قدم لها (المشروعية) لهذا العدوان في صبيحة الـ 26 مارس 2015م؟
من برر ويبرر عدوانها بشكل شبه يومي؟
الجواب: ألستم أنتم من ذهب إلى مدينة الرياض وعقدتم هناك مؤتمر الرياض الخياني لتطلبوا فيه وبشكل مخز من دول العدوان بأن تتدخل عسكرياً وتقصف مدن وقرى اليمن! و البعض منكم طالب من قادة تحالف العدوان بأن لا يتركوكم في منتصف الطريق وطلبتم مواصلة العدوان على الشعب اليمني العظيم!!!.
مَن رحب بهم ورفع أعلام دولهم ورفع صور قادة دول تحالف العدوان في شوارع مارب وعدن وتعز وبقية المحافظات الواقعة تحت الاحتلال حتى اللحظة؟
الجواب : أنتم وحدكم ولا احدٍ سواكم من رقص وغنى وابترع في شوارع تعز وعدن و مارب والمكلا والضالع، كُنتُم للأسف حاملين رايات وأعلام وصور قادة دول العدوان ضد الشعب اليمني، وكنتم تتفاخرون بصور الغزاة وأعلام دولهم في مشهد تراجيدي حزين ومخزِ، كيف بكم ترقصون لمحتل غاصب يدنّس بلد الأحرار في اليمن، بلد الشهداء والعظماء والأحرار أمثال: عبدالله السلال وعلي عبدالمغني وقحطان الشعبي وأحمد يحيى الثلايا وإبراهيم الحمدي وعبد اللطيف الشعبي وصالح الصماد وغالب الأجدع وعبدالله اللقية وعارف الزوكا ومحمود الزبيري وسالم ربيع علي ومحمد صالح العولقي وعبدالرحمن الإرياني وعبدالله باذيب وعمر احمد جسار ومحسن الهندوانة وعلي احمد ناصر عنتر ومحمد عبدالله العلفي وهادي احمد ناصر العولقي وعبدالفتاح إسماعيل الجوفي ومحمد سالم لعور والسلفي والمصعبي ومحمد صالح مطيع والصديق وحسين بن بدر الدين الحوثي والرويشان وفاروق علي أحمد وسالم علي قطن وجاعم صالح اليافعي والقائمة تطول بأحرار اليمن الذين سيحزنون كثيراً لعمالتكم السافرة، فكيف بِنا نحن الأحياء سننظر لكم وأنتم على هذا الحال من السقوط الأخلاقي المدوي؟
وهنا نكرر السؤال للمرة الألف لنقول لكم:
مَن سافر إلى مدينة الرياض عاصمة دولة العدوان الأولى ليقدم الولاء والطاعة لهم لقبض الثمن الرخيص مقابل السكوت عن سفك دماء اليمنيين الطاهرة؟!.
ألستم أنتم وحدكم من طأطأتم الرؤوس في سابقة خطيره لطلب النجدة ضد الشعب اليمني؟! نعم لم ولن يفعلها عاقل قبلكم ولن يفعلها أَي حرٍ بعدكم، إنها أسئلة عديدة أخرى تتدفق بغزارة لا عد ولا حصر لها ينطق بحروفها الأطفال والمهجرون والنازحون وأسر الضحايا والجائعون والمرضى، سنعفي أنفسنا من كتابتها إليكم.
وللتذكير هنا بأن ما حدث من اقتتال شرس فيما بينكم وأنتم (الأتباع والموالون) لدول العدوان السعودي الإماراتي في شوارع مدينة عدن المكلومة منكما في شهر يناير 2018م وقُتل فيها العشرات من الشباب اليمني المغرر بهم، وما حدث من اقتتال شرس في محافظة الضالع في شهر مايو 2019م، و لم تكن محافظة سقطرى في الآونة الأخيرة بعيدةً عن صراعاتكم العبثية، وما يحدث اليوم من اقتتال وحشي فيما بينكم في شوارع مدينة عتق عاصمة شبوة طيلة أسبوع كامل ويزيد في يونيو 2019م، وما يتم التحضير له هذا الأسبوع على مداخل مدينة عدن لكي تقتتلوا تنفيذاً لرغبات وأجندات دول العدوان.
كيف سيفسر المواطن اليمني في كل المحافظات الحُرة والمحتلة على حدٍ سواء سلوككم وصراعكم تجاه الوطن والمواطنين؟
كيف ستفسرون كل تلك الأحداث ومواقفكم منها لأبنائكم ولأسركم ولأنصاركم إن كان بقي لكم أنصار بعد كل تلك الإخفاقات والهزائم والجرائم؟
لن تسعفكم مفرداتكم ولا عباراتكم بتفسير جاد لموقفكم المُخزي تجاه اليمن وشعبها العظيم مهما بررتم، لأنه موقف مفضوح وعارِ، لقد أصبحت حركاتكم واحاديثكم وتصريحاتكم بهمز ولمز وإيحاء من ولي أمركم بالرياض وأبوظبي، هذا حالكم المحزن وما وصلتم إليه من ارذل المواقف وما ختم به من مسيرتكم (الكفاحية).
نحن هنا من صنعاء الشامخة الحرة قلناها بوضوح تام لدول العدوان، بأننا لم ولن نقبل مشاريعكم السياسية المرتبطة بالمشروع الغربي الاستعماري الأمريكي الصهيوني، نعم قاومنا ذلك المشروع بإمكاناتنا المادية والتسليحية المحدودة وانعدام شبه تام للإمكانات المالية والاقتصادية، لكننا نحن متسلحون بإرادة الله عز وجل، وبعزم رجال الرجال الأوفياء للأرض اليمنية ولكرامة وعزة وكبرياء اليمنيين الأحرار، وقلنا مراراً لدول العدوان كُفّوا عنا عدوانكم الإعْرَابِي الحاقد وسنوقف نحن صواريخنا وطائراتنا المسيرة، وإذا ما استمررتم في غيكم سنواصل المقاومة بأي ثمن بإْذن الله، والله أعلم منا جميعاً.
وفوق كُلّ ذيِ عِلمٍ عَلِيم
* رئيس مجلس الوزراء