في عين لحظتنا التاريخية المُعاشة والحَية يتراكم مُنجز صمودنا اليماني المعجز، أحداثاً متوالية ووقائعَ بحجمها الجلل ترسِّخ حقيقةَ أننا أمام يَمنٍ آخر قيد المخاض والتشكل.. يَمنٍ تتجمع في كينونته الوليدة سماتُ المهابة والحرية والكرامة المستعادة، وتتزاحم في ملمحه الفارق علائمُ الريادة لموكب تحرري نهضوي فتِي يحدو الأمةَ الجاثية منذ زمن تحت أقدام كبوتها الحضارية المزمنة.. نحو الخلاص والوقوف الواثق في وجه التحديات واشتراطات مواصلة السَّير بعيدا عن إملاءات الطغيان العالمي ومخالبِ وُحوشِه الضارية المفترسة..
بل إننا، وفق هذه المعطيات، نقف إزاء مفتتح عصر جديد تنفض فيه الإنسانيةُ عن نفسها غبارَ الارتهان لغرائز وشهوات تلك الوحوش التي أنشبت شرَّها وعدوانيتَها وأحقادَها في كلِّ ما هو إنسانيٌ وأخلاقيٌ يدلي بصِلة إلى قداسة الحقوق والمقدرات والكرامات والخصوصيات الطبيعية المعتبرة، عقائديا وحضاريا وثقافيا وعلى شتى المستويات.. وما العدوان البشع الذي نتعرض له بلفيفِه الكوني المطبوع بالصهينة والاستكبار والأنانية والعنصرية المَقيتة، والذي تقوده أمريكا ووصيفُها الغربي السلطوي الطاغي والماكر، وينخرط في خدمته أعرابُ الخيانة والجهالة والطفرة النفطية المعوجَّة، إلا شاهد حي على تنمُّر وبشاعة تلك القوى المتوحشة، وشناعةِ سياساتها وممارساتها العدوانية المتمادية والخطيرة..
إن هذا اليَمن الذي يقف في مواجهة هذا الشر العدواني المتفلت، يكتب بدماء أبنائه البررة وأرواح شهدائه الميامين، وبكل هذا الزخم التضحوي الجهادي المتسامي والفريد، صفحةً جديدة ومختلفة تماما من تاريخ أُمته وإنسانيته، متسلحا في هذه المنازلة التاريخية المصيرية الكبرى بثقافة قرآنية أصيلة صحَت من جديد واستأنفت دبيبَها في عروقه وضميره وروحه، بعد زمن من التغييب والوأد القسري، وأضحت اليوم عنوانا مضيئا لهذا الفعل والموقف اليماني الصامد والشامخ والخارق في مواجهة العدوان الكوني الهمجي وأدواته.. هذه المواجهة التي توشك أن تضع أوزارها بالسقوط المدوي للقائمين بالعدوان فيها والضالعين في جُرمه الأسود، وبالنصر المؤزر لهذا الشعب المظلوم الصابر والثابت ثباتَ جباله الشُّم، وهذا ما توشك شمسُ فجره الأغر على البزوغ بحول الله وفضله..