تحل ّعلى الأمة العربية والإسلامية في 12 من ربيع الأول من كل عام ذكرى دينية عظيمة ،وهي ذكرى مولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ففي هذا اليوم ولد سيد الخلق أجمعين، والذي بميلاده تحطمت أصنام الوثنية، وانطفأت نيران كسرى وقيصر، وأضاء نور الحق، حيث جاء محمد الرسول الأمي والعالم يعيش حالة من الجهل والظالم، والفوضاء والقتل والحروب، ففي الجزيرة العربية كانت القبائل تتحارب فيما بينها، حيث كانت تنهب ثرواتها وتسبي نساءها ويقتل أبناءها ويأسر شبابها، ولكن بميلاد الرسول وإعلان بعثته وإشهار رسالته المحمدية الإسلامية تغير حال الأمة، فقد استطاع بناء أعظم دولة عرفتها البشرية ،دولة دستورها القرآن الكريم وعاصمتها المدينة المنورة يثرب، دولة قائمة على العدل والمساواة ،دولة تنشد السلام وتكره الحرب ،دولة يعيش أبناءها كرماء أعزاء شرفاء، دولة درس ابناؤها في المدرسة المحمدية، منهجهم الدين الإسلامي العظيم ،وكتابهم القرآن الكريم والسيرة النبوية المطهرة، دولة فيها الغني والفقير، والأبيض والاسود والرئيس والمرؤوس والقائد والجندي سواسية، لا فرق بينهم، متساوون في الحقوق والواجبات دولة استطاعت في بضع سنوات أن يعم السلام والأمن والاستقرار ربوع الجزيرة العربية.
واليوم ونحن نحتفل بهذه المناسبة الدينية العظيمة، علينا أن نتفكر في الحال الذي وصلت اليه أمتنا العربية والإسلامية، حروب وقتال هنا وهناك أراض عربية محتلة ومغتصبة سيادتنا تنتهك ثرواتنا تنهب، شبابنا يقتلون بلدننا تدمر، عدونا يتحكم بنا وبقراراتنا السياسية، بل أصبحت معظم الدول العربية والإسلامية إن لم تكن كلها محتلة وتحت رحمة العدو الصهيوامريكي وكأن التاريخ يعيد نفسه أي كما كان حال العرب قبل ميلاد الرسول محمد عليه وآله الصلاة والسلام.
وما دمنا نحتفل بهذه المناسبة فأن علينا أن نجعل منها محطة للتذكير بما جاء به الرسول والدين الاسلامي، وإن ّنجعل منها فرصة لتغيير حالنا، وأن نتذكر الدروس ونستلهم العبر من الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما جاء به.
وأن على الأمة العربية والإسلامية أن تنتهز هذه المناسبة لتوحيد صفها وجمع كلمتها والعودة الى دينها الإسلامي والاحتكام الى كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم في حل ّالخلافات التي بين شعوبنا العربية والإسلامية.
لماذا لا نحتفل بميلاد رسولنا وقائدنا ونحيي سنته والرسالة التي جاء بها، ونغرسها في نفوس أبنائنا وأجيالنا، لتبقى حاضرة ًفي اذهانهم كما يفعل أعداؤنا بمفكريهم وفلاسفتهم وعلمائهم وقادتهم الذين يحتفلون بذكرى ميلادهم ويعظمونهم ويقدسونهم ويقيمون لهم الاحتفالات ويدرسون ما جاءوا به لأبنائهم وأكثرهم لم يأت سوى بنظرية أو قال حكمة أو مقولة مشهورة أو قائد استطاع الانتصار في معركة عسكرية أو بناء دولة لم تدم أكثر من سنوات ٍقليلة، فما بالك بمن جاء بأعظم كتاب وأقدس دستور وأقوى قانون وأبلغ كلام وهو القرآن الكريم والسنة النبوية وأسس وأقام أعظم دولة في التاريخ بشهادة واعترافات أعدائنا، والذي يصنفون الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم أعظم شخصية في التاريخ ودولته التي أسسها هي أعظم دولة.
فأمة لا تستفيد من مناسبة كهذه ولا تستلهم الدروس منها ولا تتحد في إحيائها فأنها أمة ميتة وأمة لن تتحد أبدا وستبقى مفرقة مشتتة يتحكم بها العدو يغتصب اراضيها وينهب ثرواتها ويصادر قرارها ويقتل أبناءها ويدمر بلدانها.