يكثر الحديث والقيل والقال عن أداء المنظمات الإنسانية والتدخلات التي تقوم بها في بلادنا ، حيث يلاحظ أن عمل غالبية هذه المنظمات لا يراعي الأولويات التي يحتاجها المواطن ، والمشاريع التي تصب في خدمة المجتمع المحلي ، الصديق العزيز تيسير القملي من أبناء أم البوادي (رصابة) بمديرية جهران اتصل بي متحسرا على أداء صندوق صيانة الطرق والجسور في طريق صنعاء- تعز المار بمنطقتهم ، حيث أخبرني بأن عملية الترميم تتم في الطريق الإسفلتي الصالح الذي لا حفر فيه ، في الوقت الذي لا يتم الالتفات نحو الطريق الجانبية التي تشهد الكثير من الحوادث المرورية المؤسفة ، ودائما ما تلحق الكثير من الأضرار بالسيارات والمركبات ، هدأت من روعه وأخبرته بأن هذه السياسة العوجاء العرجاء للمنظمات هي من تدفع بصندوق صيانة الطرق والجسور إلى تخريب الصالح من الطرق وترك الخارب منها وتجاهل إصلاحها ، والأمر يتطلب تدخلا حكوميا لتصحيح الوضع ، وإعداد مصفوفة بالطرق التي تحتاج إلى صيانة وترميم ، وتقديمها إلى ( اليونبس ) أو المنظمات التي تتدخل في مجال الأشغال العامة والطرق.
فساد المنظمات وعشوائية عملها ، والمبالغة المهولة في تكلفة المشاريع الهامشية الديكورية التي تنفذها والتي لا تتناسب مع التكلفة الحقيقية لها ، علاوة على التجاوزات وتوظيف عمل بعضها لخدمة قوى العدوان ، والقيام بأعمال تجسسية واستطلاعية تصب في مصلحة قوى العدوان ، كل هذه الممارسات دفعت بالقيادة إلى إنشاء الهيئة الوطنية لتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث ، والتي صدر مؤخرا قرار المجلس السياسي الأعلى بتغييرها إلى المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي بعد ضم قطاع التعاون الدولي من وزارة التخطيط وضمها إلى المجلس ليصبح الجهة المناطة بها إدارة وتنسيق عمل المنظمات في اليمن وتوجيه عملها وتدخلاتها بحسب الأولويات المرفوعة من الجهات الحكومية المختلفة.
حيث نجحت الهيئة في تصويب مسار العديد من المنظمات وقوننة عملها ونشاطها ، وتمكنت من خلق علاقات إيجابية معها ، وتحولت الهيئة إلى خلية نحل ، تعمل بكل طاقمها وكادرها الوظيفي على التنسيق بين الجهات الحكومية والمنظمات لتقديم الخدمات والمساعدات لتمويل المشاريع الطارئة ذات الطابع الخدمي وفي مقدمتها خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة والتحسين ، والخدمات الصحية والعلاجية ، ومشاريع الطرق والجسور الحيوية ، ومشاريع التعليم ، حيث لمست خلال زيارتي لمقر الهيئة حكمة القيادة واستشعارها للمسؤولية ، واستمعت من رئيسها المجاهد الأستاذ عبدالمحسن الطاووس ما يثلج الصدر ويريح النفس ويطمئن القلب حول المهام التي تقوم بها الهيئة والخطوات المتقدمة التي قطعتها في هذا الجانب والتي مثلت الدافع للقيادة لضم قطاع التعاون الدولي من وزارة التخطيط إلى الهيئة لتصبح المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي ، وهو ما يحسب لقيادة المجلس الوطنية التي تعاملت بحس وطني وبمسؤولية إيمانية مع الملف الأكثر حساسية وهو ملف المنظمات والمساعدات ، رغم مخاوف الكثير من ردة فعلها ، إلا أن حنكة وكفاءة القيادة أثمرت عن نجاح باهر في إدارة هذا الملف ، وتوجيه نسبة كبيرة من هذه المساعدات للجوانب والمجالات الضرورية وفي مقدمتها المشاريع الخدمية الأساسية.
بالمختصر المفيد، رؤية القيادة الثاقبة ، وحنكتها الإدارية ، تجلت في إنشاء المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي كجهة واحدة معنية بضبط إيقاع عمل المنظمات ، والوقوف على طبيعة عملها ، ومجالات تدخلها ، والتنسيق مع مختلف القطاعات الحكومية للرفع بالاحتياجات الضرورية ليتسنى للمجلس تقديمها للمنظمات ، بحيث يكون الجانب الحكومي على إطلاع تام بما تقوم به المنظمات أولا بأول ، لضمان نوعية المشاريع المنفذة ، وخدمتها للوطن والمواطن على حد سواء ، بعيدا عن المشاريع الدعائية والاستنزافية التي لا يعود للمجتمع ولا للمواطنين أي فائدة أو أثر لها ، كدورات رعي الأغنام ، وكيفية غسل اليدين ، والدورات والندوات الكمالية الماهية والتي تعد ضربا من ضروب العبث والفوضى وبؤرة من بؤر الفساد الممول خارجيا.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم.