صمت الكثير من المثقفين العرب ، وانكفاؤهم الذاتي المخزي في غرف„ مغلقة يشي بتواطئ„ ممنهج يستاء منه كل أبناء الشعوب العربية إذ° يأتي هذا الصمت العريض للمثقف في فترة زمنية يعيش فيها العالم العربي معاناة˝ قاتلة˝ ، بل تموت فيه شعوبنا بسلاح„ سياسي فاقد الضمير تحمله أيدي الأنظمة العميلة لذلك الموت المفروض بالقوة داخل الساحة العربية .
إن حالة التخدير العامة التي أصابت عقول الكثير من المثقفين سببها الرئيس هو الاتكاء المطلق في الإرسال والتلقي للفكر والأدب على المؤسسات الثقافية التي لاتخرج عن التوجهات السلطوية القمعية لأنظمة„ تنتهج سياسة الهيمنة على كل شيء حتى على المؤسسات الثقافية ، وحتى على عقلية المثقف أيضا˝ .
التساؤلات التي تشغل الناس عامة˝ لاتخرج عن شأن مواقف الشخصيات التي تمثل واجهة الثقافة العربية ، ولازال الانتظار لتلك المواقف يشغل المراقبين للحركة الثقافية وتفاعلها مع الأوضاع الراهنة ودورها الفعلي في طرح ومناقشة القضايا التي من أولوياتها الخاصة بالإنسانية وما يتعرض له الإنسان العربي من قتل ونزوح أو تهجير .
هكذا استطاعت المجلات والدوريات ودور النشر والمؤسسات الثقافية (شكليا˝) التابعة للنظام السعودي الرجعي وبعض الأنظمة الخليجية أن تحاصر عددا˝ من أبرز الشخصيات الثقافية والفكرية والأدبية عن تقديم ما يجب أن يقدمه المثقف لأن تلك الأدوات التي يفترض بها أن تكون مسخرة لخدمة الثقافة هي في الحقيقة جزء من تلك الأنظمة والسلطات المنتجة للحروب والفتن وهي المصدرة للصراعات في البلدان العربية ،،وربما تكشفت _ الآونة الأخيرة _ للأدباء والكتاب والمفكرين حقيقة ذلك الحصار الذي يضعهم بين خيارين اثنين : إما أن يرهنوا أقلامهم وعقولهم تحت سطوة التسلط السياسي محاباة وإرضاء˝ لتلك السلطات النازية التي عطلت الثقافة التي قد تنتج ثقافة ذات قيمة وهذا الارتهان سيكون على حساب حياة وحريات شعوبنا ،، والخيار الآخر هو أن تسقط الثقافة _ التي هي أهم مكونات المجتمع وحضارته _ من أجل بقاء الرموز المزيفة لتشكل صورة مزخرفة لوجود فارغ ل امعنى له ، ومهما يكن فإني أرى أن الصورة تلك ستحترق في كلتا الحالتين لأن المثقفين لن يستطيعوا أن يقدموا ما يريد الوطن العربي وشعبه ، ولن يستطيعوا الانعتاق بالكلمة وقيمتها وصدقها من قبضة سياسة التسلط والابتعاد بها عن التكسب في عتبات عروش السياسيين .
* نقلا عن صحيفة صدى المسيرة