حين يقول لي أحدهم .. بل قال: أضعت تاريخك الأدبي لوقوفك مع وطنك ودينك ، فالرد يكون طالما ثقافتك وفكرك وإبداعك تقوم على مقومات الفكر الآخر كمؤدى منطقي تبعية أدواتك للغير وليس لكينونتك ووجودك ، فإن وجودك الثقافي عدمي بعدم وجود حيز انتماء ثقافي خاص بك، أما أن تلزمني الوقوف محايداّ أو صامتا أمام واقعي حتى أحافظ على ما بذلت من أجله أغلب الممكن ،فيكفي أن واقعي ذلك هو المعيار الذي يحكم هذه المسألة في ظل نظرية الثقافة ، الواقع الذي يقتضي التفاعل مع كل حدث فيه كوني مثقف وهو ما يمنحني الوجود الأدبي ذاته الذي ينزع عنك هذا الوجود.
إذن فإن الإبداع هو الدور الذي يقدمه المبدع أمام الأحداث التي تزامن مكان وجوده ، وبها أكون مبدعا بوقوفي ضد العدوان وانسجامي مع مشروع الهوية الإيمانية وكتابتي فيها ، وكذلك محاولة فرض كينونة ثقافية ورسم حيزها – المفروض وجودها كوجود إنساني متعدد – إلى جانب الثقافات الأخرى.
يعني أن العدوان على الإنسان مرفوض ثقافيا بأي شكل من الأشكال وتحت أي مسمى ، ما بالك إذا كان العدوان على وطنك ووجودك وقومك وأبناء جلدتك ، فاللازم الأكيد هو تفاعلك واجتهادك في رفض ودحر ودفع هذا العدوان ثقافيا حتى تكون مثقفا عضويا أو وظيفيا.
بالمقابل من خلال فرض هويتك الثقافية أمام الآخر عليك أن توجدها أولا وعند وجودها عليك أن تشارك فيها وتقدمها للآخر ، وإذا كانت هذه الهوية الإيمانية كفيلة ، أن تعطيك ذلك الوجود فدورك الانسجام معها والتفاعل معها والاقتناع بسموها ودورها، ودعك من التهويم في بوتقات أخرى لم ترسخ فيك سوى التبعية التي تحفظ عدو وجودك وتنفي وجودك وتؤسس لضياعك الإنساني.
إنها أي الهوية الإيمانية التي انسلخت الأمة عنها بسبب الضعف والوهن الذي حل بهذه الأمة وبالتالي هيمنة الآخر على وجودك وفرض ذاته التي لم تكنها يوما ولم تتواءم مع فسيولوجية تكوينك وبناء وجودك ، هي التي تدعوك بالعودة إليها وتعطيك مؤشرات ومبتدآت الوقوف والاتكاء ، للانطلاق حتى تقول أنا يمني أنا مسلم.
ماعليك إذن هو أن تحرص على تاريخك الأدبي والإبداعي بالانسياق والانسجام والتفاعل الجاد ، وكفاك انتفاؤك عن ذاتك ونفسك وكن أنت يمني الحكمة والإيمان حتى تكون مبدعاّ.