يتعرض وزير الصحة الدكتور طه المتوكل لهجمة مغرضة على خلفية تداعيات وباء كورونا المتفشي في اليمن والعالم، ومع أن السلطة مقرونة بالمسؤولية والمحاسبة، إلا أن المبالغة في النقد والتبرم من الوزير أو الوزارة دون مراعاة الكثير من الاعتبارات الموضوعية يعني أن الاستهداف ينطوي على حسابات شخصية لا أكثر.
ولا أخفيكم أني قد ترددت كثيرا في كتابة هذه السطور، فليس من طبعي المدح والتطبيل لمن يتسنمون المناصب العليا، فهم إن أحسنوا فهذا واجبهم وهو المطلوب منهم، ويكفي أن الإعلام الرسمي يقوم بواجب تغطية أنشطتهم ومنجزاتهم ما صغر منها أو كبر.
غير أن هذا لا يمنع أن يكون الإنسان منصفا تجاه شخصية فذة خبرنا اجتهادها ومثابرتها منذ تولي شؤون وزارة الصحة في بلادنا، فالواقع نفسه يشهد للدكتور طه المتوكل، ومن يتابع أداء الوزارة خلال العامين الأخيرين يلحظ مستوى النجاح في كثير من جوانب الخدمة الصحية في بلادنا، مع الاعتراف أن الوضع ليس مثاليا، والسبب راجع للعدوان والحصار الذي استهدف كل شيء وراهن على إسقاط الدولة ومؤسساتها ومحاصرة خدماتها للمجتمع، وفوق ذلك فإن تركة النظام السابق معروفة لكل ذي لب وبصيرة، وإلا لما كان الآلاف من اليمنيين يبحثون عن العلاج خارج البلاد واليمن في عز الاستقرار..
أما جائحة كورونا فقد أعيت كل الدول التي بدت عاجزة أمام سرعة تفشي الفيروس وفتكه بمئات الآلاف من البشر دون تفرقة بين دولة هشة أو قوية، ولن تشذ اليمن عن هذا المصير إلا بتكاتف الجهود وتعزيز حالة الثقة بين الحكومة والمجتمع، ولا يكفي أن نسائل وزير الصحة عن دوره ودور وزارته ونهمل الجهات الأخرى، فهناك حكومة مسؤولة أيضا، وهناك مجلس سياسي أعلى مسؤول أمام الشعب وواجبه متابعة أداء الحكومة واجهزتها والقائمين عليها ومحاسبة المقصرين أو المخلين بمسؤولياتهم.
لقد كان الوزير طه المتوكل سباقا في قرع جرس الإنذار وكان شفافا إلى أبعد حد حين كاشف الشعب بأسوأ السيناريوهات منذ وقت مبكر، وقد تابعنا كيف أن الوزارة تحولت إلى خلية نحل استعدادا لمواجهة الوباء، وحين ظهرت آثاره في العاصمة صنعاء شهدنا الكثير من الإجراءات التي غابت عن وسائل الإعلام في إطار المحافظة على الهدوء بعيدا عن التهويل الذي يفاقم المشكلة بدلا من محاصرتها والحد من تداعياتها، في سياسة إعلامية أجدني مختلفا معها من منطلق أن التهوين والتهويل وجهان لعملة واحدة.
على أن هذه السياسة ليست من اختصاص وزير الصحة ولا من مسؤولية الوزارة لوحدها، ومن الحكمة والمسؤولية أن ترفع الحكومة من منسوب ودرجة التحذير من الوباء، خاصة وأن الوعي المجتمعي لا يتناسب وخطورة كورونا على كبار السن تحديدا، وقد رصدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة عن وفيات مفاجئة بنسب غير مسبوقة كان فيهم أناس نعرفهم ، ما يعني أن المسألة خرجت من إطار ودائرة الشائعات..!
كان الله في عون الوزير الإنسان وفي عون الجيش الأبيض، ومع الوزير نبتهل إلى الله أن يرفع عنا وعن بلادنا الوباء والبلاء.. فليس لها من دون الله كاشفة.