حين يبقى همّ الرأس أن يكون بديلاً عن الجسد، فهذا هو المعنى المرادف لبحث الرئيس، أي رئيس عن أن يكون بديلاً للشعب ، وهو ذات المعنى لأن تصبح الحرية مجرد تمثال أو أغنية يتغنى بها إعلام قاتل الحرية الأعلى ليجعل منها مطية القتل في حياته التي يطلقون عليها الحياة السياسية !؛
هذا المشهد والرمزية العالمية عبر عنها قتل شرطي أبيض لإنسان أسود بالضغط على رقبته حتى الموت خنقاً أمام مرأى ومسمع العالم، اعتماداً على عنصرية الرئيس الأبيض أو الأحمر !!، فهل سيشهد العالم أكثر وضوحاً من هكذا جريمة مشهودة بعد جريمة المنشار والتي ظن العالم والمحللون الآثمون بأنها جريمة بشعة لن تمر ولكنها مرت على الأقل حتى الآن ورسمياً لأن نفس القاتل الأعلى يدعم التستر عليها !؛
لم يعد العرب وحدهم ظاهرة صوتية يا صديقي، بل العالم كلهُ صار كذلك، ليس لأنه أثبت قبل عام المنشار وهذا المشهد المصور للإنسان المخنوق تحت أقدام شرطيٍ يحرس التمثال ، ولا لأن العالم يقف موقف المتفرج من العدوان الجاري على اليمن منذ خمس سنوات ونيف بكل هذا الصلف والسفور والوقاحة وانعدام الإنسانية ، نعم العالم يتفرج على خنق شعبٍ تحت ركبة العالم من خلال محاصرته باسم الشرعية الدولية براً وبحراً وجواً وهدم البيوت على رؤوس أطفاله ونسائه وكل أبنائه وتمزيق أجسادهم باستخدام أكثر قنابل بلاد ( تمثال الحرية ) ذكاءً !؛
فهل يحتاج هذا العالم لأمثلة أكثر وضوحاً من هذه المشاهد للتدليل على كونه ظاهرة صوتية لا يعلم الى أين يتجه وقد استطاع رجلٌ على هذا المستوى من التهريج أن يصبح رئيساً لدولة يقال أنها أعظم دولة في العالم !!،
ورغم أداء هذا الرئيس السخيف المعتمد على الأكاذيب والتصريحات والتغريدات المتضاربة والمتناقضة فإن آلية النظام الرئاسي الذي يسمى بالديمقراطي تضمن له البقاء إلى حين الانتخابات التالية وربما يتمكن اليمين العنصري الصهيوني المتطرف الذي دعم صعوده أولاً من تمكينه من فترة جديدة، من يدري ! هكذا هي السياسة بالمفهوم السائد للقاعدة المعروفة : (السياسة فن الممكن) فما هو ممكن في هذا العالم يوصل إلى آفاق قد لا تكون مُتخيلة !،
وفي اعتقادي أن حكام العرب ليسوا مؤهلين لانتقاد الديمقراطية الأمريكية لأن واقع أسوأ الديكتاتوريات الغربية والعالمية أفضل من أفضل الديمقراطيات العربية!!؛
فالرؤساء العرب لهم من المكانة والحصانة والأحصنة والإمكانات والصلاحيات ما يفوق التخيل وفق هذه القاعدة ، لدرجة أنهم يشعرون أنهم بديل لبلدانهم ، أليسوا رموزاً ؟!؛
والألقاب والصور اليوم تعني الأصنام وعبادة الأصنام في عصرنا هذا تتخذ أشكالاً متعددة وتؤدي إلى نتيجة أكثر امتهاناً للإنسان من عصور الجاهلية الأولى إنه عصر الجاهليات متعددة الألوان ؛
فهل آن للعالم أن يدرك بأن الحرية ليست تمثالاً يُهدى من باريس عاصمة إحدى أبرز دول أوروبا المُستعمرَة إلى واشنطن عاصمة أمريكا المُستَعمَرَةْ سابقاً والمستعمِرَةْ حالياً أو هذا ما يبدو ، ولا هي أي الحرية صور تُعَلَّقْ أو كلمات تُقال أو رؤساء أغبياء منفوخون بالفراغ يُستبدلون بأغبى منهم بواسطة الانتخابات الصورية أو المزورة أو عن طريق الانقلابات بأشكالها المتعددة أو التوافق غير الموفق الذي ينبئ عن استهتار بالموقع ولو بحسن نية ولا مجال لحسن النوايا في السياسة لأنها تتعلق بأداء الأمانة !!،
الحرية كائنٌ حي يعيش بالإنسان وفي الإنسان ومن اجل حياة الإنسان ، وهي عنوان قبول الإنسان الحر لكل الرسالات وحملها وفهمها ونشرها ، فهل هذا الحراك الذي تحرك مع آخر أنفاس الإنسان التي قطعتها ركبة شرطي أمريكي دليل يقظة إنسانية وصحوة ضمير ستؤدي بأمريكا والعالم الى طريق يتمكن تمثال الحرية من خلاله التنفس عبر رئة الإنسانية المذبوحة ؟!!
الملاحظ أن ترامب جيء به إلى الرئاسة ليؤدي وظيفة للوبي الصهيوني الذي دعمه ، والحديث هنا لا يدخل في إطار الترويج لنظرية المؤامرة كما يقال ولكنه تعبير عن حقائق يحيكها ويحكيها سلوكه على مدى حوالي ثلاث سنوات ونصف من رئاسته بعيداً عن أي اعتبار لمصالح الشعب الأمريكي ، والسؤال المطروح : هل يأتي حراك الشارع الأمريكي وبعض المتعاطفين الأوروبيين في إطار ثورة شاملة تؤدي الى الافلات من قبضة الرأسمالية المتوحشة المرتبطة بالصهيونية والإمبريالية العالمية أم أن هدفه إفراغ الثورة من محتواها والتنفيس من حالة احتقان المجتمعات والشعوب كما حدث مع معظم ثورات ما يسمى بالربيع العربي والمُخرِجْ كما يقال واحد ، وهل اكتملت الشروط الموضوعية لثورة حقيقية على مستوى العالم تجعل الحرية والعدالة ملك كل إنسان على وجه الأرض ، وما هي الخطوات العملية للأحرار في مواجهة الأشرار أم أن كل هذا مجرد تمنيات وأحلام وتحليلات ؟؟؟!!!
هذا ما ستجيب عليه الأيام ، وأعتقد أن رفع المحتجين للعلم الفلسطيني في البلدان التي تحكم الصهيونية فيها قبضتها يبشر بخير لأن الظلم واحد والحرية والعدالة لا يتجزآن .
كُن حراً ترى الله في كل الكائنات.