الوضعُ في لبنان يشبهُ اليومَ إلى حَــدٍّ بعيد وضعَه ووضع المنطقة بعد التّفجير الذي أودى برفيق الحريري، وقبله التفجير الأضخم الذي دمّـر برجي نيويورك الشهيرين.
عندما نلحظ الخطط التي تخرج إلى العلن بعد كُـلّ تفجير نكتشف أنّ التّفجير إنّما يسبق الذي يُرادُ له أن يلحق، أي أنّنا لا نخرج من دائرة الحبك والتّدبير.
عندما رأينا أمريكا تحوّل الإرهاب مفردة مفتاحاً وأولويّة الجميع شرقاً وغرباً، وعندما تحتلّ بعد تدمير كامل بلدين ضخمَين بحجم أفغانستان والعراق متحجّجة بالإرهاب، نبدأ في السّؤال عن الذين يقفون وراء تفجير نيويورك الهوليودي، وقتها يكون الوقت قد مرّ وتكون السياسات قد نفذت والاختراق اكتمل.
هناك ديبلوماسية التفجير الضخم الصادم المرعب، هي ديبلوماسيةُ التفجير أَو هي من مكر ما صرنا نسمّي جيلاً مبدعاً من الحروب، الصّدمة تجعل المرء يتقبّل ما لم يكن يتقبّله ويرضاه قبله، هي تقوّض الدّفاعات وتوفّر للمهاجمين فرصاً إضافية لتسجيل النقاط ولِـمَـا لا الظفر بالضربة القاضية؟!.
بعد الصّدمة يكون طابورٌ جاهزٌ للاستثمار في الرّعب وتوجيه الرّأي العام وتحريك الجموع، وُصُـولاً إلى عمليات أمنية بين تخريب واغتيال، الصّدمة لصدم العقول وشلّ المبادرة والإخلاد إلى الحيرة، في ذات الحين يتحَرّك بالاقتدار والثّبات اللازمين من رُكّبت شبكاتهم للحركة بعد التّفجير.
منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، شكّل ظهورُ مقاومة لبنانية متينة العزم والتصميم واستثنائية النّجاعة، هاجس الصهاينة الأكبر، من الصّعب جِـدًّا استذكار تطوّر مسّ الداخل اللبناني من دون أن يكون مرتبطاً بالهاجس الصهيوني، بل إنّ كُـلّ المنطقة العربية لا تفسّر تفاعلاتها وأزماتها وُصُـولاً إلى النكبات والمصائب بغير العامل الصهيوني، يراد من تفجير بيروت الأخير فرض الأجواء المناسبة للتخلّص من المقاومة ولكن هيهات.