تولي الإمام علي هو استقاء للإسلام من منبعه الصافي. تجمع البشرية اليوم على عظمة شخصيته وتقدمية وعدالة تعاليمه. سبق الإمام علي الفكر المعاصر في كل جانب مشرق فيه فقبل ظهور الاشتراكية حث الإمام علي على نصرة المستضعفين، وقبل ظهور مفاهيم حقوق الإنسان قال الإمام علي: الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق. وعهد، لمالك الأشتر وثيقة تاريخية تبرز عظمته وعظمة الرسالة الإسلامية التي حملها ودافع عنها حتى ارتقى شهيداً.
الولاية ظاهرة اجتماعية موجودة في تاريخ وحاضر المجتمع الإنساني تتطور تعبيراتها وأشكال ممارستها. كل أفراد المجتمع الإنساني يتولون أشخاصا وأفكارا معينة، فلا تقتصر الولاية على المسلمين والحركات ذات المرجعية الدينية، فالعلمانيون لديهم أولياء يتولونهم ويقتدون بهم ومنظومة أفكار يضعونها كمرشد في الحياة. فالاشتراكي يتولى كارل ماركس، والليبرالي يتولى جان كاك روسو، والقومي يتولى ميشيل عفلق وجورج حبش... وما أكثر الفلسفات ومعتنقيها، المُشرقة منها والمُظلمة!
لماذا الإمام علي؟
ولاية الإمام علي عليه السلام تتجاوز مسألة أحقيته في الحكم والزعامة السياسية بعد ارتقاء الرسول إلى الرفيق الأعلى، فمسألة الحكم الإداري والزعامة السياسية نتيجة عرضية للولاية، لا جوهرها، فغاية الولاية رفع لواء الرسالة الإلهية المحمدية وسعادة وخير الإنسانية.
لم يكن أمر رسول الله للمسلمين بتولي الإمام علي نوعا من التعصب الأسري والحرص على المكانة السياسية والمصلحة الاقتصادية لآل البيت، حاشاه وهو عادل منصف كريم على خلق عظيم.
أمر رسول الله بتولي الإمام علي معناه أن الله ورسوله قد أولوا الإمام علي أمر مستقبل الرسالة في نشر رحمة الله للعالمين بتحرير البشرية من عبادة الطواغيت، وإقامة الحق والعدل؛ فالإمام علي نموذج الشخصية الإسلامية الكاملة. ويمكننا القول بأنه هوالمعبر الأصدق والأعمق عن رؤية الثورة والرسالة الإسلامية وعن أهدافها وآفاقها؛ فمنذ طفولته تربى الإمام علي في كنف النبي محمد. كان أول المؤمنين بالرسالة، تشرب مفهوم التوحيد المرادف للحرية ومفاهيم الحق والعدالة والمساواة التي كانت غريبة ومنبوذة من مجتمع مكة.
تميز الإمام علي بطهارة المنشأ الاجتماعي، متنزها عن التعاملات الفاسدة لمجتمع قريش ومكة، فلم يمارس الربا ولا وأد البنات ولا الاستغلال والظلم، ولم ينخرط في صراعات العصبية الجاهلية، لم يسجد لوثن، ولم يكن له عبد يركع بين يديه، فنمت شخصيته وتطورت أخلاقيا وروحيا وسلوكيا بشكل مؤنسن متسامٍ، جعلت منه الأكثر قدرة على استيعاب الرسالة الإلهية وقيم الإسلام الثورية، فدافع عن هذه القيم الجديدة بما أوتي من قوه وإخلاص؛ فكان بطل كل معركة، بطولة تلخصت في مقولة: «لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي».
*نقلا عن : مرافئ لا