عبدالله البردوني.. هكذا دون أي لقب، كما كان يحب أن يذيِّل كتاباته في صحيفة «26 سبتمبر» بـ»المواطن عبدالله البردوني».
سيظل هذا الرجل -الضرير القادم من قرية البردون بمحافظة ذمار- إضافة كبيرة للشعر العربي.. وكما قال أحد النقاد العرب: «الشعر العربي مرَّ بثلاث مراحل: قديم وجديد وبردوني».
قد يقال إن هذا الكلام مبالغ فيه، ربما يكون كذلك عند من لا يعرف البردوني، لأن «الإنسان عدو ما يجهل».
حين نعود لقراءة ما كتبه عبدالله البردوني، سنفتح عيوننا دهشة بهامشٍ كان يعيشه ولا يراه.. هامش يتحول بين حروفه إلى متن.. هذا الشاعر الأعمى الذي يجعلك تفتح عينيك لترى كل ما حولك.. حينها ستكتشف أن عينيك لا تريان شيئاً.
ليس للبردوني في المناهج التعليمية، حسب ظني، سوى قصيدة يتيمة، هي «أفقنا على فجر يومٍ صبي»، إن كانت ماتزال موجودة،وكأن البردوني لم يكتب سواها، أو كأن الأجيال السابقة واللاحقة لن يعرفوا البردوني إلَّا من خلال هذه القصيدة.
أين فكر وفلسفة البردوني في وسائل الإعلام؟ أين برنامجه «مجلة الفكر والأدب» الذي كان يُذاعُ أسبوعياً من إذاعة صنعاء، منذ أوائل الستينيات وحتى يوم وفاته، إلى أن تجاوز عدد حلقات هذا البرنامج 1400 حلقة!
وضعت وزارة التريبة في أحد كتب اللغة العربية المدرسية قصيدةً لشاعرٍ مغمورٍ لا يعرفه أحد، وفي الهامش تعريفٌ بالشاعر المطمور الذي مايزال ديوانه تحت الطبع! أليس ذلك مخزياً لمن وضعوا هذه المناهج؟ وكأن اليمن لا تحتوي على أكبر مشهد ثقافي وشعري على مستوى الوطن العربي، وعلى عمالقة في الشعر والأدب؟ ربما إن هذا الشاعر له قرابة بأحد أعضاء اللجنة الموقَّرة التي قامت بوضع قصيدته الركيكة في هذا الكتاب المدرسي.
ليس الحديث هنا عن البردوني الشاعر فقط، ولا لقصد تعميم بعضٍ من نصوصه في المناهج المدرسية، فالبردوني مفكر وفيلسوف ومؤرِّخ وناقد، وبإمكان وزارة التربية ووزارة التعليم العالي الالتفات إليه وتطعيم المناهج بفكره وأدبه، بدلاً من الغثاء الذي تمتلئ به هذه المناهج الرديئة التي ستنتج أجيالاً غير قادرة على التعامل مع العصر، لأنها ضحية الحفظ والتلقين.
* نقلا عن : لا ميديا