الحالة المزرية التي وصلت إليها شبكة الطرقات في بلادنا مدعاة للحسرة والأسى والألم، ففي الوقت الذي أتى العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي بالقصف الجوي والاستهداف الممنهج للعديد من الطرقات والجسور والأنفاق مخلِّفاً دماراً واسعاً في هذا القطاع الهام والشريان الحيوي للبلاد والعباد، فإن غياب معايير المواصفات والجودة عند تنفيذ مشاريع الطرقات والأنفاق والجسور وعدم الالتزام بالمواصفات المنصوص عليها في كراسة المناقصات، وحضور (الكميشنات) و(حق القات) و(حق ابن هادي) يجعل من هذه المشاريع عرضة للخراب والدمار بعد أسابيع قليلة من تنفيذها وعلى وجه الخصوص مشاريع الطرقات، وهو ما يكبِّد الاقتصاد الوطني خسائر باهظة لصيانتها وترميمها، دون اتخاذ أي إجراءات عقابية قانونية في حق المقاولين والمهندسين والشركات المنفذة والممولة والمشرفة على التنفيذ
الأمطار الأخيرة التي أنعم بها الله على بلادنا كشفت حجم الفساد والعبث والفوضى التي تصاحب تنفيذ الكثير من مشاريع الطرق والجسور والأنفاق، وتضع الكثير من علامات الاستفهام حول عدم وجود قائمة سوداء بالمقاولين الذين ثبت عدم التزامهم بتنفيذ المشاريع الموكل إليهم تنفيذها حسب المواصفات، وعدم اتخاذ عقوبات قانونية على المهندسين المشرفين على عملية التنفيذ، ومن يشاهد حال وواقع الطرقات اليوم يصاب بالذهول، كل هذا الخراب والدمار الذي تحوَّلت معه الطرقات إلى حفر عميقة والأنفاق إلى حواجز وسدود لتجمع المياه، وكشف عن حالة مفرطة من العبثية والعشوائية والفساد والفوضى التي تصاحب تنفيذ الكثير من مشاريع الطرقات، وما زاد الطين بلة هو قيام هذه الشركات بالعبث بالطريق الإسفلتي القديم على امتداد طريق صنعاء تعز بحجة توسعة الطريق والحد من الحوادث المرورية التي يشهدها هذا الطريق الاستراتيجي الذي يربط غالبية محافظات الجمهورية مع بعضها البعض.
المهم هذا الطريق الذي نفذته الشركة الصينية والذي ما تزال مقاطع منه في الخدمة بجودة عالية رغم الفترة الزمنية الطويلة التي مضت على تنفيذه، ولذا ومن باب استشعار المسؤولية وبراءة للذمة أضع على طاولة القيادة الثورية والسياسية والحكومة والبرلمان مقترح تسليم قطاع الأشغال العامة والطرق لشركة أو عدة شركات صينية عملاقة، تسند إليها مهام وزارة الأشغال والمؤسسات والصناديق التابعة لها، بحيث تصب ميزانية هذه الجهات الخاصة بالطرقات والجسور والأنفاق لهذه الشركات، وهي خطوة ستوفِّر للدولة مبالغ كبيرة جدا بالإمكان الاستفادة منها في جوانب تنموية وخدمية أخرى، وأنا على ثقة مطلقة بأن هذه الخطوة ستحدث نقلة نوعية بهذا القطاع الحيوي الهام في فترة وجيزة جدا، وبمواصفات ومقاييس عالية الجودة ستمكن هذه المشاريع من الصمود أمام عوامل التعرية لعشرات السنين، ولن نكون في حاجة للمشاريع ذات الحلول الترقيعية للطرقات التي ينفذها صندوق صيانة الطرق والجسور، ولا لتلك المشاريع الاستنزافية للأرصدة التي تستهدف مسح الجزر الوسطية ورفارف الطرقات وتنظيف قنوات تصريف السيول التي لم تعد صالحة للخدمة، والهدف فقط هو صرف المستخلصات المالية والحصول على بدل الإشراف وغيرها من البنود.
لن نحتاج للصيانة والترقيع والترميم لسنوات عديدة وسيتم توفير مبالغ طائلة كانت وما تزال تهدر. تحت مسمى صيانة الطرق والجسور ،فالأصدقاء الصينيون يعملون بضمير وإخلاص، (ما بش عندهم لف ودوران ) ولديهم تجارب سابقة في بلادنا تثبت ذلك، لذا لا أرى أي مانع في التعاقد مع الحكومة الصينية من أجل تزويدنا بشركات رائدة في قطاع الطرقات والجسور لتنفيذ مشاريع الطرقات والجسور والأنفاق في بلادنا للحد من حصاد الأرواح الذي تتسبب بها الحفريات والخراب والدمار الذي لحق بغالبية الطرقات في البلاد، وسيلمس الجميع ثمار هذه الخطوة على أرض الواقع في زمن قياسي جدا.
بالمختصر المفيد، مشاكل الطرقات والجسور والأنفاق في بلادنا بفضل الله ستحلها الصين (عليها السلام) وسنوفر الوقت والجهد والمال، وهي فرصة لتدريب وتأهيل الكوادر اليمنية لضمان الحصول على كفاءات يمنية قادرة على تنفيذ مشاريع الطرقات والأنفاق والجسور بخبرة وتقنية ومواصفات وجودة وضمير صيني، وبدون ذلك فإننا كالذي يحرث في البحر ويعوِّل على السراب في الحصول على الماء، مع تقديري واحترامي للكوادر اليمنية المؤهلة التي تعمل بضمير وأمانة ومسؤولية وحرص على المصلحة العامة.
هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.