ابتهج الأمريكيون برحيل ترامب من البيت الأبيض، وامتلأ «تويتر» بالعزاء والنواح في تغريدات بعض السعوديين، الذين قالوا في ترامب ما لم يقله غلاة الخوارج في عبدالرحمن بن ملجم. وكيف لا يندبونه وهو سيدهم وقائد عدوانهم، وحامي عرش مملكتهم الهشّ، الذي قال عنه ترامب لولا حمايته لسقط هذا العرش السعودي في ظرف أسبوع.
ما عسانا ننتظر من مملكة أكاديميوها يكتبون أطروحات دكتوراه عن فراسة يزيد بن معاوية وشجاعته؟!
يتحجج هؤلاء السعوديون بأفضلية ترامب بأن 75 مليون مواطن أمريكي قاموا بالتصويت له، ويتناسون أن هؤلاء الـ75 مليوناً هم الذين أسقطوه هذه المرة. ويتحدثون في تغريداتهم بجدية عن الانتخابات والديمقراطية وهم في ظل حكم ملكي، وتحت قبضة أسرة واحدة تحكمهم منذ 100 عام.
لا أدري لماذا الأعراب يحبون الطغاة ويقدسونهم؟...
منذ قديم الزمان يصفقون للباطل، ويستوحشون طريق الحق.. وفي الزمن الحديث نراهم يهللون ويسبحون بحمد كل مجرم، كما يفعلون مع ابن سلمان وابن زايد ومن على شاكلتهم من المسوخ الذين لا تحتوي أرواحهم اللعينة على ذرة إنسانية واحدة.
ولأننا نقدس الطغاة، فقد تجد أشخاصاً كثيرين يحملون اسم قابيل، لأنه طاغية، لكنك لن تجد شخصاً واحداً يحمل اسم هابيل، لأنه ضحية، ونحن لا نحب الضحايا بقدر حبنا وتقديسنا للطغاة والقتلة في كل عصر.
تم شتم علي بن أبي طالب وزوجته وابنيه على منابر بني أمية 70 عاماً، ولم يتعرض معاوية لأية شتيمة، فقد كان المداحون يقفون في مجلسه بانتظار عطاياه، ويمدحونه بما ليس فيه، لأنه كان طاغية.
في المقابل تم نفي أبي ذر الغفاري ليموت وحيداً في الصحراء، دون أي تعاطف، وتم كسر عظام عمار بن ياسر من قبل الخليفة نفسها الذي نعت عمار بـ»ابن السوداء»، وهو يعلم جيداً أن سمية التي يصفها بالسوداء كانت أكثر شجاعة منه، وكانت أول شهيدة في الإسلام.. هذا الخليفة قيل إنه استشهد وهو يقرأ القرآن حتى تخضبت صفحاته بدمه.
* نقلا عن : لا ميديا