مما لا شك فيه أن معركة مأرب هي الحاسمة والفاصلة والتي يمثل حسمها انتصاراً لليمن واليمنيين وبداية للتحرر من براثن الغزاة ورجس المرتزقة وانقشاع غبار العدوان والحصار، وتجاوزاً للواقع المرير الذي يعيشه السواد الأعظم من أبناء شعبنا الصابر الصامد، وهي أيضا الفاضحة لكثير من الأنظمة والشخصيات والنخب الثقافية والسياسية والحقوقية وبعض القنوات الفضائية التي ظلت تتشدق بحياديتها في ما يتعلق بملف العدوان على بلادنا، والتي تتعامل معها على أنها أزمة يمنية - يمنية، متجاهلة العدوان وجرائمه ومذابحه بحق شعبنا.
فقد فضحتهم معركة تحرير مأرب، وأخرجوا ما كانوا يكتمونه في داخلهم، وظهرت حقيقة حيادهم الزائف ومواقفهم المتصنعة وأدوارهم الخفية التي كانت السبب في تدجين العقول وإفراغها من محتواها وإلهائها عن أداء المهام والمسؤوليات المنوطة بها، والقيام بالواجبات الإنسانية قبل الدينية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يمارس في حق شعبنا المظلوم، تغيرت مواقفهم وتبدلت سياستهم وخطابهم الإعلامي تبعا للمصالح والولاءات الحزبية الضيقة.
قناة "الجزيرة" القطرية ومعها عدد من مذيعيها ومن خلفهم بعض الشخصيات القطرية غيرت من سياستها وخطابها الإعلامي وتغطياتها لمجريات الأحداث في اليمن، وذلك عقب التقارب بين قطر والسعودية ودول الحصار والمقاطعة لها، ومع دخول معركة تحرير مأرب مرحلة الحسم ظهرت العديد من المواقف المتعصبة والمنحازة لمليشيات العمالة والخيانة والارتزاق، كل الفضائيات والأبواق الإخونجية كشفت عن وجهها وأظهرت هويتها والخط والمسار والمنهج الذي تسلكه، وتحولت معركة تحرير مأرب إلى معركة مصيرية لتنظيم الإخوان المسلمين والتيارات المتطرفة المتناغمة والمتحالفة معهم.
النكرة القطري فيصل بن جاسم آل ثاني لم يجد ما يتحدث عنه ليثبت تصهينه سوى الحديث عن معركة مأرب التي قال بأنها لا تخص اليمن، وقال بأن "سقوط" مأرب يمثل ضربة قاصمة لاستقرار الجزيرة العربية، داعيا إلى تشكيل ما سماه حلفاً تركياً ـ سعودياً في اليمن لمنع "سقوط" مأرب بيد "الحوثيين" حد تعبيره.
وفي السياق ذاته ظهر المسخ المتصهين فيصل القاسم ساخرا من قدرات وإمكانيات الشعب اليمني التي نجحت في صناعة وتطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، في مشهد يكشف حقارته ووضاعته وسقوطه القذر في وحل العمالة والارتزاق، ولا غرابة فهو من وقف ومايزال ضد بلده سوريا وتجند لدعم وإسناد الجماعات والتنظيمات التكفيرية الإجرامية التي تستهدف سوريا، وقس على ذلك بقية الأبواق التي فضحتها معركة مأرب وأظهرتها على حقيقتها بعد إزالة مساحيق التجميل وتساقط الأقنعة التي كانوا يتخفون خلفها.
كل أولئك رأوا في تحرير مأرب هزيمة لمشروع الإمارة الإخونجية التي تتخذ من مأرب عاصمة لها، المشروع الذي يمثل امتدادا لمشروع دولة الخلافة الإخونجية التي كان يراد لها أن تبصر النور عقب أحداث ما يسمى "الربيع العربي"، والتي لم تنجح في بلوغهم مرحلة تحقيق هذا المشروع الحلم الذي ظل يراودهم ومايزال حتى اليوم، وتسابق الكثير منهم على إطلاق التصريحات والتحليلات التي تستثير عناصرهم والمتعاطفين معهم من أجل الدفاع عن مشروعهم والحفاظ على مصالحهم، لأنهم يدركون جيدا أنه بعد تحرير مأرب لن تقوم لهم قائمة ولن تكون لهم أي حاضنة في الداخل اليمني في ظل صراع النفوذ الذي يطغى على المشهد العام في محافظات الجنوب المحتلة.
بالمختصر، معركة تحرير مأرب هي معركة كل أحرار وشرفاء اليمن وفي مقدمتهم أبناء مأرب الذين عانوا لسنوات من ويل وتسلط وعنجهية وإجرام وتعسف وفساد مليشيات الإخوان وقوات الغزو والاحتلال، ولا يمكن أن ينجر أحرار مأرب خلف تلكم السخافات والهرطقات التي تدندن بها فضائيات العدوان والإخوان وأبواقهم المأجورة، مأرب محافظة يمنية خاضعة للانتداب والوصاية السعودية والهيمنة الإخونجية الداعشية، وتطهيرها من رجسهم وتحريرها من قبضتهم ضرورة دينية ووطنية لا تفريط بها ولا تراجع عنها.
* نقلا عن : لا ميديا