عبدالعزيز البغدادي
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالعزيز البغدادي
العدالة والأمن.. حق المواطن ومسؤولية السلطة
معرفة الحقيقة مفتاح العدالة الانتقالية
فتح الطرق وإنهاء الانقسام مسؤولية مَنْ؟
الإنسان بين الضآلة والجبروت!
الخطوة الأولى نحو تحقيق السلام والمصالحة الوطنية
الحرب النفسية والإعلام بين سلاح الصدق وآفة الكذب!
أساس بناء الكيان الصهيوني
من مبادئ المسؤولية في الحروب والأزمات
من ملامح أمن الكيان الصهيوني!
هيرتزل وديمقراطية الدولة اليهودية المتوحشة!

بحث

  
تأملات رمضانية.. قراءة في مقطع من نظم الإمام الشافعي
بقلم/ عبدالعزيز البغدادي
نشر منذ: سنتين و 11 شهراً و 14 يوماً
الأربعاء 14 إبريل-نيسان 2021 03:49 ص


محمد بن إدريس الشافعي من أكثر أئمة المذاهب الإسلامية صلة بالأدب والشعر إلى جانب غزارة علمه وفقهه وصفاء روحه ونقاء آرائه وسعة اطلاعه, وله موقف من السلطان يخالف مواقف علماء السلاطين ويبيّن بُعد نظرته الدينية والدنيوية من خلال تعزيز مكانته كإنسان يدرك معنى الحرية وأهمية أن ينأى العالِم بنفسه عن التقرب من الحاكم ، لأن للحكم في الغالب أخلاقيات تنم عن حالة مرضية إلا ما ندر ممن شفاهم الله من هذا المرض ، وفي الأبيات التالية بدأ الشافعي بوصف الملوك بالبلاء:
إن الملوكَ بلاءٌ حيثما حلُّوا
فلا يكن لكَ في أبوابهم ظِلُّ
ماذا تؤمِّل من قومٍ إذا غضبوا
جاروا عليكَ وإن أرضيتهم ملُّوا
فاستغن بالله عن أبوابهم كرَماً
إن الوقوف على أبوابهم ذُلُّ
والملوك في ثقافة المسلمين الأحرار رمز للظلم والجور والفساد, ولهذا فالشافعي في البيت الأول حاول تمثل معنى الآية القرآنية الكريمة على لسان ملكة سبأ (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ۖ وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ) ، وفي هذه الآية إيماءة بأن النظام الملكي ووراثة الحكم لا يمكن أن يكون له بالإسلام صلة ! ، لأنه مصدر للفساد وأي بلاء أعظم من بلاء الفساد وهو نتاج أفعال الناس (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة الروم آية (41) ، (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُون) سورة البقرة آية (30) ، والنصوص التي توضح كون الإنسان هو الفاعل والمفعول في فعل الفساد الذي تُستخدم السلطة في رسم سياساته وفي تنفيذها إما بوسائل ناعمة أو خشنة ؛ لذلك كان الشافعي صادقاً في نُصحه لكل حريص على دينه بالابتعاد عن نفاق الحكام والتقرب إليهم لتجنب آثامهم بل وجرائمهم (فلا يكن لك في أبوابهم ظِلُّ) لأنهم غير مؤتمنين في غضبهم أو رضاهم والوصفة الناجعة للنجاة من براثنهم هو الاعتماد على الله والاستغناء به والحفاظ على الكرامة الإنسانية التي لا يبالي بها الحاكم الذي تأخذه شهوة السلطة كل مأخذ مهما ادعى خلاف ذلك.
والتجارب كثيرة التي تكشف السرعة التي أصيب فيها بعض من وصل إلى السلطة بمرضها الذي يُنسي المصاب به ماضيه وحاضره ومستقبله بل ويُنسيه كونه مخلوقاً وأن قدرة الخالق كفيلة بتبديل الأحوال من حال إلى حال وتكاد تكون أيدي الظلمة هي صانع التغيير (مِن مأمَنِهِ يُؤتى الحَذِر).. (وَكَذَٰلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) سورة الأنعام آية (33) ، ولا يوجد ظالم أو فاسد يرى ظُلم نفسه وفساده وإلا لما بقي على الأرض ظالم ولا فاسد (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ) سورة البقرة آية (11، 12) وقال الشاعر (يقولون الزمان به فسادٌ * وهم فسدوا وما فسد الزمان) ، ويصعب الفصل بين فساد الحكام وفساد الشعوب صنّاع الفاسدين والفراعنة, وهذا جوهر ما ذهب إليه محمد بن إدريس الشافعي في ضرورة النأي بالنفس عن مجاراة الظالمين ليس بالمعنى السلبي وإنما بمعنى أنه إن لم يكن له القدرة على النصح والعمل على رفع الظلم فلا ينبغي أن يكون عوناً للظالمين وأداة من أدواتهم ،
ولا ينبغي استغلال الدين للهروب من المسؤولية تحت أي مسمى, لأن العمل السياسي والإداري جهد لابد أن يخضع للتقييم العلمي والمساءلة, أما التستر برداء الدين فهو مخالفة لجوهر الدين (فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى) سورة النجم آية (32) ، والأرض لله يورثها من يشاء من عباده وليست للملوك والحكام يورثونها من يحبون من أبنائهم ، (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) سورة الأعراف آية (128).
وغاية الخلق للخلاق يحكمها * وكل حرِّ له في الكون أحلامُ

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
الأكثر قراءة منذ أسبوع
محمد محسن الجوهري
دروس العاشر من رمضان تؤسس لنقلة نوعية في واقع الأمَّة
محمد محسن الجوهري
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
طه العامري
حكاية صمود وطن وشعب..!!
طه العامري
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
دينا الرميمة
تراتيلُ النصر والصمود.. على عتبات عام عاشر
دينا الرميمة
مقالات ضدّ العدوان
محمد صالح حاتم
هل تستغل السعودية شهر رمضان لإنهاء الحرب على اليمن؟
محمد صالح حاتم
خالد العراسي
كلمات السيد القائد..النصح والتوجيه
خالد العراسي
زيد البعوه
شهر القرآن والجهاد والصبر والنصر
زيد البعوه
نبيل جبل
نفاق العالم المحكوم بالمال والنفوذ
نبيل جبل
حمدي دوبلة
جمعية الإعلاميين السكنية.. بصيص أمل!
حمدي دوبلة
علي الدرواني
ماذا يخفي إعدامُ الجنود السعوديين؟!
علي الدرواني
المزيد