تحت ضغوط العدوان الخارجي والاحتراب الداخلي الواضح في كل نقاط التماس لا حضور لمناقشة جدية أو رؤى تحليلية تضع الحرف فوق النقطة .. ربما لتبلور قناعات مهزومة بأن تحقيق الانضباط الوطني كان صعبًا في السلم فكيف يكون حاله مع الحرب وتحت العدوان ؟!
* وحتى المتمسكين بالعقل والمدركين لخطورة المنزلقات يقدمون أسئلة ولا إجابات؛ لأن ما نراه في الجهات الأصلية أو الفرعية لليمن هو المزيد من التشكل الأناني في الذات الانتهازية والذات المهزومة وبالصورة المؤسفة التي لم تعد فيها العمالة خيانة ، ولا التبعية الإقليمية منكراً .. ربما لأن أبطال المسلسل التراجيدي الأخرق يفاخرون ولسان الحال أنا العميل وأنا المنكر ، وسط استحقاق فاجر وكافر بكل هذه الدماء .
* وحدهم الذين دمروا اليمن مدفوعين بمفهوم أن الحرب على اليمن نزهة يمنّون أنفسهم بإسدال الستار على بعض نقاط المسرح الاستنزافي عن طريق استدعاء كارثتين .. استدعاء رؤى انفصالية لجزء من اليمن ، وتعميق رؤى الاكتفاء الداخلي في الجزء الآخر ، بدليل ما يطرح هذه الأيام من رؤى لزيد أو عبيد من المسكونين بشيطان الانفصال.
* المثير للانتباه أن من باعوا وفوراً ( فريقان ) فريق يتحدث عن ضرورة التمسك بما يسمى الشرعية حتى تحقيق الانفصال وآخر يكتفي بالتمسك بالشرعية حتى استرداد كراسي ما بعد الاقتتال الذي تحددت بداياته ، ومن الصعب تحديد موعد إسدال الستار على أحداثه الدامية.
* ويجهل هؤلاء وأولئك أنه لا حل للمشكلة اليمنية إلا بإيقاف الحصار والعدوان والوصاية والعودة للحوار الجاد والمسؤول والتسامح ورفض استمرار هذا القتل والتدمير .. مرفوض هذا الاستقطاب لعناوين الانفصال المرحلي أو الجزئي ومرفوض الاستقطاب على أسس مناطقية ومذهبية وبنوازع تمزيقية وأحقاد شخصية .
* وما فات على المخرجين ومن يرون في الاحتراب نزهة أن القضية أخطر وأن الاقتتال لن يتوقف حتى بين من يرفعون الشعار الواحد فمن هو الحامل الشرعي للانفصال ومن هو الحامل للأقلمة ومن هم أُسُود المفرشة الملطخة بدماء تزهق تحت شعارات مناطقية ومذهبية .
* المؤسف أن من يطرحون الأفكار الجهنمية البائسة ويزينونها ويدعون لتنفيذها بشلالات الدم هم أنفسهم مرضى كل زمان ومكان حتى داخل مؤتمر الحوار حيث شاهدناهم يستدعون عللهم المناطقية وثاراتهم العابثة خارج المناقشة الجدية الوطنية وخارج الرؤية التحليلية .. وشخصيًا شاهدت من العدوانية ما جعلني حينها أقترح في واحدة من التناولات أن يفتح جمال بنعمر قسماً للشرطة في فندق موفنبيك .
* ولعلكم تتذكرون خفة عقل ذلك الذي انبرى أمام كاميرات البث المباشر ليقول بضرورة الفصل بين اليمني المنتج للبترول وبين من لا يزرع غير البطاط والبسباس .