على الأرضِ وبين البشر وفي حياة الناس توجد ثنائيات متناقضة تتسابق وكلٌ منهما يواجه الآخر أَو ينافسه أَو قد ربما يماثله في جزئيات متداخلة يشوبُها الرياءُ كالخير والشر والنور والظلام والفضيلة والرذيلة.
الحقُّ وإحقاقُه لا بد أن يعلوَ ويظهر وإن طال غيابهُ لحكمةٍ يعلمها الله وَالباطل مهما استمر وَتمسك به أهله وَتمادوا في باطلهم لا بد أن يُزهق ولا بد من يومٍ يأتي يتم فيه كشف أهل الباطل جميعهم وفضحهم طال الزمان أَو قَصُرَ.
وإن كان الوقوف في وجه أعاصير الطاغوت ومحور الشر عسيراً فَـإنَّ الثبات على الحق هو المنجِ وهو الخلاص وهذا لا يتأتى إلا من خلال صلابة الموقف والصبر وَالتمسك بالقضية العادلة التي لا تشوبها شائبة، فليس هناك ما يجيز الإيْمَـان بشيء من الباطل والكفر بالبعض الآخر، فالباطل هو في أصله شر وأَسَاسه مبنيٌّ على عدم الاعتراف بالآخر وعلى الاستكبار وحب الذات والمصلحة والكذب والحيل والعمل السيئ الذي يناقض العمل الصالح المذكور صراحةً في كثير من الآيات الكريمات في كتاب الله الكريم التي ارتبطت كلماته ومفرداته بالإيْمَـان.
وكأن الإيْمَـان وحده لا يكفي ويجب مع ذلك التفاعل والعمل وَالتحَرّك؛ كون الإيْمَـان لا يكون إيْمَـاناً صادقاً وكاملاً إلا إذَا صدّقه العمل.
ويكفي أن نتأسى بتلك النماذج الرائعة الفريدة في حمل راية الحق وعدم الشك مثقال ذرة في القضية العادلة المتكرّرة أحداثها ومن هذه النماذج الصحابي الجليل عمار بن ياسر وسيد شباب أهل الجنة ريحانة رسول الله أبي عبد الله الحسين والشهيد القائد حسين الحوثي -سلام الله عليهم- وغيرهم الكثير من المجاهدين الذين رأيناهم بأُمِّ أعيننا وهم يسطرون أروع الملاحم والبطولات ضد تحالف العدوان الظالم على بلادنا.
وما نراه اليوم من بعض المرجفين والمنافقين أنهم يمزجون الحق بشيء من الباطل أَو تطعّم قضية باطلة بشيء من الحق فهنالك يـسهل الانخداع وبهذا يمكن التضليل والترويج للباطل إلا لذوي البصيرة ومن اهتدى بهدي الله من يستطيع أن يشرح عدالة القضية ويكشف الباطل بأفعاله ومواقفه.
ولذلك مهما حاول من يحمل راية الباطل أن يضفي على رايته أسماء بديلة ونعوت منمقة بغرض تحسين صورة نمطية معينة في كيانات أَو شخوص فَـإنَّ الأفعال والممارسات والواقع يبيِّن ويكشف طبيعة النيات والغايات.
ونؤكّـد القول بأنه ليس هناك باطل مقبول ومستحسن أَو استبداد ليّن أَو طغيان أخف وطأة فالحق بطبيعته ظاهر أبلج والباطل لجلج، والعقل والمنطق والواقع يتحدث إما عن حَقٍّ خالصٍ أَو عن باطلٍ محض.
وعلى الإنسان أن يتبِعَ الحَــقَّ في كُـلّ شيء فكرياً وعمليًّا وموقفاً فلا يسمح لنفسه باعتناق الفكرة الحق ثم يذهب لممارسة العمل الباطل فينخرط في مستنقع النفاق؛ لأَنَّه حينئذ يخدع نفسه ويضلها ويظلمها وَيصل في نهاية المطاف إلى الأمر الواقع الذي يعرف مصيره مسبقًا إلا أن الكِبر والمعاندة والغرور قد أضله وأودى به وذاق وبال أمره..
قال تعالى: “بَشِّرِ المُنافِقِينَ بِأنَّ لَهم عَذابًا ألِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكافِرِينَ أوْلِياءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ”.
ولذلك يجبُ على الإنسانِ أن يفتش عن الحق ويبحث عنه للتعرف عـليه ولن يكلّفه ذلك تضحيةً أَو عناء؛ لأَنَّ الحق واضحٌ وضوح الشمس في رابعة النهار وفي هذا المقام يقول الأمام علي عليه السلام: “وخض الغمرات للحـق حَيثُ كـان”.
وفي بعض الأحيانِ يغلّفُ الباطل بغلاف الحق ويلبس مسوحه وهو ما نعاني منه اليوم ممن غلب عليهم حب الشهوات والماديات ولا زالت أمزجتهم منسجمة مع الباطل الذي تقهقر وانكسر ونرى البعض يقفون مع الحق قولاً ومستعدون للخضوع للباطل في ظرفٍ قياسي لضعفٍ في نفوسهم ورؤيتهم وتناسيهم تضحيات رجال الرجال في جبهات العزة والكرامة.
فبعد سبع سنوات من العدوان على شعبٍ مسالم وحصار خانق وخلق أزمات اقتصادية من قبل تحالفٍ دولي مستكبر تحاول بعض المكونات السياسية المحسوبة على النظام السابق أن تجمّل وتزين للباطل وإظهاره بالشكل اللائق والمناسب الذي يقبله المجتمع اليمني.
الذي أدرك منذ وقتٍ مبكر من العدوان أن هناك مؤامرةً ومخطّطاً خبيثاً يستهدف وحدة اليمن وشق الصف الوطني عبر أيادٍ عميلة اعتادت على العمالةِ للأجنبي الطامعِ المتمثلِ في أهلِ الباطلِ الأمريكيين والبريطانيين والإماراتيين والسعوديّين وأذيالهم الذين نراهم ينتهكون سيادة بلادنا ويقتلون أبناء شعبنا ويغتالون أحلامنا ويسعون في الأرض الفساد، ولا زالوا منتمين إلى مكون سياسي في الداخل يمدون أيديهم إلى أسيادهم في الخارج من حملوا لواء الباطل؛ لكي نعودَ مرةً أُخرى تحتَ وصاية المعتدي الطامع الذي يحاول النيل من كرامتنا ويسعى لإذلالنا والاستيلاء على خيرات الشعب اليمني..
فهل يعقل أُولئك الغافلون وهل يهتدي من لا زال في قلبه غشاوة؟..