العالِمُ الحقيقي هو الذي يخشى الله، ولا يخاف فيه لومة لائم، وبناءً عليه فهو يقول الحق دون الالتفات لما سيترتب عليه من أضرار ستطاله، وفي ذات الوقت وبعد معرفته لعدم صوابية ما كان يظنه أَو يعتقده في بعض القضايا أَو حول بعض من يختلف معهم، هو يجنح للحق الذي تبين له والأخذ به والدعوة إليه، دونَ خشية كلام من حوله أَو تخوفه من جمهوره والذي ربما سينتقدُه عن تغيُّر قناعاته التي كان قد أقنعهم بها ورباهم عليها.
وبالمختصر إن الجهَلَ بأمور معينة سابقًا ليس عيبًا، العيبُ هو أن يستمرَّ الإنسان -وخَاصَّة العالِمَ والمثقفَ- بالتشبث بقناعاته بعد أن تأكّـدَ له عدمُ صوابيتها، ومن يبرّر عدم التصريح بما تبين له من حقائق خشيةَ الآخرين، أَو نتيجة الخشية على فقدان بعض المصالح التي يراها من منظوره، فهذا يستدعي منه العودةَ إلى الذات ومكاشفتها، بأن يتوكلَ على الله ويثقَ به، ومَن يَتَّقِ اللهَ سيجعلْ له مخرجًا ويجعلْ له من أمره يُسرًا، وفي كُـلّ الظروف والأحوال، لا خوفَ مع الله وفي سبيل الله، فهو يدبر الأمور، ونعم المولى ونعم النصير.
* كاتب سلفي