إحياءُ ذِكركَ للنُفوسِ حياةُ
وإقامُ نَهجكَ للشعوبِ نجاةُ
لا يستوي المُحيِيْ وتارِكُهُ، كما
لا يستوي الأحياءُ والأمواتُ
إذْ لم نُبالِغْ قطّ في إحيائهِ
فالفضلُ بحرٌ.. والثنا قطَراتُ
فأجلُّ من كل احتِفاءٍ قائمٍ
هذا الهُدى والرحمةُ المُهدَاةُ
يا نعمةً قُرِنَتْ بنعمةِ خَلقِنا
لولا وجودُكَ.. خَلقُنا مأساةُ
سبحان من عنَتِ الوجوهُ لأمرهِ
سبحان من خشَعَتْ لهُ الأصواتُ
لله سبَّحتِ السماواتُ العُلا
والأرضُ والأجرامُ والذرَّاتُ
ولهُ النواطِقُ والصوامِتُ سبَّحت
والكونُ والحرَكاتُ والسَكَناتُ
بالحقِّ أرسلَ (أحمداً) نوراً بهِ
تزكو النفوسُ وتنجلي الظُلُماتُ
ولقد غدوتَ مُحمَّداً لعظيمِ ما
اجتمعَتْ لديكَ محامِدٌ وصفاتُ
وبلغتَ من رُتَبِ الكمالِ مكانةً
ما بعدها رُتَبٌ ولا درَجاتُ
وحملتَ قُرآناً.. لتحمِلَ بعضَهُ
عجِزَت جبالٌ وهي مُجتمِعاتُ
شَرُفَ الوجودُ وأنت موجودٌ بهِ
بَشَرٌ.. جماداتٌ.. ومخلوقاتُ
إن يحتفي الإنسانُ أو لا يحتفي
فبنُوركَ الأكوانُ مُحتفِلاتُ
* * *
بِكَ يا رسولَ الله كلُّ قلوبنا
بالحمدِ للرحمن مُبتهِلاتُ
يَمَنُ المحبةِ كُلُّها لك (طيبةٌ)
وجبالُها لك كلُّها (عرَفاتُ)
سطَعتْ بساحاتِ الوغى أعمالُنا
وعلى البيوتِ أضاءتِ النِيَّاتُ
جُزءٌ يسيرٌ من محبَّتنا بدا
فإذا المدائنُ والقُرى جنَّاتُ
لا فرحةً في الكونِ تُشبِهُ فرحةَ
(الأنصارِ).. والأكوانُ مُعتَرِفاتُ
بربيعك احتشَدت بشائرُ نصرنا
وعلى العدوِّ توالَتِ النكَبَاتُ
وعلى طريقتها احتفَتْ جبَهاتُنا
وبحفلها تتألَّقُ الجبَهاتُ
إحياءُ مولدك الشريفِ محطَّةٌ
للعِزِّ عِزٌّ.. للثباتِ ثباتُ
أيامُنا بالمصطفى نبويَّةٌ
خضرَا... وأيامُ العِدا نَحِسَاتُ
يتهيَّأُ (الأنصارُ ) قبل قدومهِ
وتُزَيَّنُ الأحياءُ والطُرُقاتُ
فيُذكِّرونك يوم جئتَ لـ(يثربٍ)
وقبائلُ (الأنصار) مُبتَهِجاتُ
وحرائرُ (الأنصار) مُبتَهِجاتُ
ومنازلُ (الأنصار) مُبتَهِجاتُ
والفِتيةُ (الأنصارُ) والفَتَياتُ
في كل مُرتَفَعٍ لهُم وقَفَاتُ
فوق البيوتِ، على النخيلِ ترَقُّباً
حتى وصلتَ تعالَتِ الصرَخَاتُ:
الله أكبرُ جاءَ.. جاءَ (محمّدٌ)
الله أكبرُ.. حلَّتِ البرَكاتُ
اليوم نحنُ نعيشُ نفسَ شُعورهِم
تلك النفوسُ وهذه أخوَاتُ
إذ لم تزل فينا تُنَقِّلُ حُبَّكَ
الأصلابُ والأرحامُ والجِيناتُ
هتفَتْ بحُبِّك أرضُنا وسماؤنا
وحناجرٌ بالشوقِ مُمتلئاتُ
ورجالُنا، وشيوخُنا، ونساؤنا
وصغارُنا الأشبالُ والزهَراتُ
وقلوبُنا، ورئاتُنا، وعيونُنا
والنبضُ، والأنفاسُ، والعبَراتُ
ودِيانُنا، وجبالُنا، وبحارُنا
والجيشُ، والراياتُ، والقبَضاتُ
ومشاعرُ الأفراحِ في أعماقنا
بمشاعرِ التعظيمِ مُمتزِجاتُ
حتى كأنك أنت لا ذِكراك مَن
سيزورُنا.. تتسارَعُ النبَضاتُ
حتى كأنَّ أكُفَّنا ستُصافِحُ
الكفَّ الشريفَ اخضرَّتِ الراحَاتُ
حتى كأنَّك ضَيفُ كل بيوتنا
فبيوتُنا بالنورِ معروشاتُ
حتى كأنَّك هذه اللحظات سَوْ
فَ تُطِلُّ.. فلتُسعَد بِكَ اللحظاتُ
يا مَعدِنَ النورِ الإلهيِّ الذي
لو زارَ مَيْتاً قامَ وهو رُفاتُ
فاضَت بمولدك الشريف بلادُنا
بشراً بهم تتمايلُ الساحاتُ
لم يَجرِ حَشدٌ مُذْ تَنَاسَلَ آدمٌ
وتشكَّلَتْ أُمَمٌ ومُجتَمَعاتُ
كحُشودِ (أنصارِ النبيِّ محمدٍ)
بربيعِ (طه) وهي مُحتَشِدَاتُ
نظَرَ الوفاءُ لنا وقال: تصَدَّقوا
لي من وفائكمُ العظيمِ وهاتُوا
فلقد صدَقنا باتِّباعك سيدي
والحبُّ دون الإتباعِ سُباتُ
* * *
يا من مع اسمِ الله قد قُرِنَ اسمُهُ
وبدونهِ لا تُقبلُ الطاعاتُ
أنَّى ستُقبَلُ؟ وهي تُحبَطُ إن هي
ارتفَعت بحضرة صوتك الأصواتُ
ماذا يقولُ المادِحون بمدحِ من
سبَقَتْ مدائحَهم لهُ الآياتُ
أنت الوسيلةُ والفضيلةُ والهُدى
والنورُ والمصباحُ والمِشكاةُ
فاز اليمانيون فيك وأفلحوا
فلهُم برِفقةِ (أحمدَ) الخيراتُ
لك يا مُمَّجدُ عهدُنا.. ميثاقُنا
ألَّا تخونك هذه الهاماتُ
أنفاسُنا لك كلُّها صلواتُ
وعليك نبضُ قلوبنا صلواتُ
يا مَن سَناهُ لكلِّ ذاتٍ ذاتُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
وبفضلِ ذكرك تنجلي الكُرُباتُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
ولمن أحبَّك تنقضي الحاجاتُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
لَبَّاكَ قومٌ صادِقون أُبَاةُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
نزَلَتْ بوصفِ ولائهم آياتُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
لا الحربُ تُثنِيهم ولا الغاراتُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
غزَوَاتُهُم يا سيِّدي غزَوَاتُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
عاشوا على حُبِّ الرسولِ وماتوا
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
يمنُ المحبَّةِ للنبيِّ نواةُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ
ما دام فينا من هُداكَ هُداةُ
للمؤمنين سفينةٌ ونجاةُ
يَرِثُ الكتابَ بكُلِّ عصرٍ قائمٌ
مِنهُم.. عليهِ من النبيْ نَفَحَاتُ؛
فعليكُم الصلواتُ والبرَكاتُ وا
لصلواتُ والبركاتُ والصلواتُ
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ ما
صلَّت عليكَ وآلِكَ الصلواتُ .