نداء "عهد الأحرار باق" يتردد عبر أثير "إذاعة صنعاء" اليمنية وقناة "المسيرة" الفضائية وغيرهما من وسائل الإعلام السمعية البصرية والصحافية. فعل التزام بالمقاومة والتحرر والعروبة يقرنه المقاومون اليمنيون الشجعان بأهازيج صدحت بها حناجر المقاومين في لبنان وفلسطين: "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، زحفا زحفا نحو القدس"، وهي معالم ثقافة شعبية تحررية وهوية قومية مقاومة تتردد من صنعاء كما دوت من قبل في لبنان وفلسطين.
أولاً: ما أبداه الأشقاء اليمنيون من حرارة التضامن والتعاطف مع الزميل الإعلامي الوزير المقاوم جورج قرداحي يسمو على منطق المجاملة أو العرفان البديهي بشهامة موقفه من العدوان على اليمن، وقد تحول اسمه إلى لازمة ترددها الأغاني والأهازيج والمقالات والبرامج في سائر الوسائل الإعلامية اليمنية، في حدود ما تيسر لنا متابعته والاطلاع عليه، وهي تحمل نبض شعب نبيل، وحسا عروبيا أصيلا في ملاقاة موقف شجاع تعاطف مع الشعب الشقيق، ولم يخش في الحق لومة لائم، وعندما عز النصير.
إن أحدا في لبنان وفلسطين وسورية والعراق لا يستطيع نسيان حشرجة السيد نصر الله ودمعه المحتبس في رده الأخوي على إعلان السيد عبدالملك الحوثي عن الاستعداد لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق.
ثانياً: ما يجري في اليمن هو صدفة سعيدة ثورية بالمعنى التاريخي، وانعطاف حاسم يقلب المشهد العربي فيضع في صدارة الاهتمام ساحة عوملت ببلاهة على أنها طرفية وهامشية، ودفعتها بطولات مشهودة إلى صدارة الحدث في قلب المشهد السياسي العربي، وانتقلت إليها الأضواء، فانهارت محاولات التعتيم وفشلت حلقات خنق الصوت والصورة عبر الأثير وفي الفضاء الافتراضي. وما حققه الأشقاء اليمنيون إعلاميا كبير وعظيم ويعكس وجود جيش إعلامي محترف ومتمرس مهنيا يثير التقدير والاحترام، وهو يتميز بالصدق والدقة والابتعاد عن المبالغة، والتزام أخلاقيات عالية عمادها الصدق لدرجة التريث المبالغ به وتأخير إعلان بعض الإنجازات الميدانية وتظهيرها بالتوثيق السمعي البصري في التوقيت الذي قررته القيادة السياسية واحترمه الإعلاميون المتمرسون الذين صقلتهم التجارب وأتاحت لهم اكتساب الخبرات المتنوعة في مختلف وجوه العملية الإعلامية، وهذا ما تشهد به مخرجات الإعلام اليمني المقاوم ومنتجاته الفنية والثقافية.
ثالثاً: الهوية القومية التحررية، التي يعبر عنها الإعلام اليمني التحرري ويصدح بها المقاومون اليمنيون الشجعان، كما تجاهر بها قياداتهم، شكلت بارقة أمل للجماهير العربية بين المحيط والخليج، كما هي مثار قلق ورعب من تداعيات الانتصار اليمني القادم في دوائر الرجعية والعمالة، التي ترتعد فرائصها دوما من فعل العدوى الثورية وتداعيات انتشار الوعي التحرري والخبرات النضالية والسياسية وفنون الإبداع الشعبي الذي يحفر عميقا في منظومة القيم والمفاهيم المجتمعية السائدة.
التجربة اليمنية شديدة الغنى والتمرس، وتفيض بمحتوى إبداعي واضح الهوية، قوي الالتزام والبعد الثقافي والفني في تعبيراتها وخبراتها المتعددة، ملهم وواعد ويبشر بآفاق رحبة وواعدة ستكون رافد إبداع وتطور في التجربة الثقافية والمهنية العربية.
كاتب لبناني
* نقلا عن : لا ميديا