|
خلال شهر .. ثلاث انتصارات عظيمة تقابلها ثلاث هزائم واندحارات محيرة ومفاجئة
بقلم/ عدنان باوزير
نشر منذ: سنتين و 11 شهراً و 15 يوماً الإثنين 15 نوفمبر-تشرين الثاني 2021 07:18 م
المتابع لأخبار العدوان على اليمن خلال الشهر الأخير، سيلاحظ بوضوح تصاعد مؤشر انتصارات أنصار الله على كافة جبهات القتال المشتعلة، وبالمقابل انحسار مؤشر قوى العدوان وأدواتها المحلية المختلفة .
لقد حقق أنصار الله خلال الفترة القريبة الماضية انتصارات لا يمكن وصفها بغير أنها انتصارات استراتيجية كبرى.
فبعد أن استكملوا تحرير محافظة البيضاء التي تمتلك حدوداً مع محافظات يمنية كثيرة ومهمة، والسيطرة على آخر مديرياتها في فترة قياسية للغاية، خصوصاً أن المديريات الأخيرة المحررة هي مناطق ذات طبيعة جغرافية صعبة وتضاريس معقدة، مما أهلّها لأن تكون ولفترة طويلة من الزمن سبقت حتى العدوان ملاذ آمناً ومحصناً لعناصر القاعدة وداعش في اليمن، فعُد هذا إنجازاً عسكرياً كبيراً جداً ومؤثراً بل بمثابة مفتاح مهم فتح شهية الأنصار لمواصلة التحرير، فوصلوا جنوباً إلى حدود (مكيراس)، وما لبثوا أن أطلقوا عملية (ربيع النصر) وانحدروا شرقاً الى محافظة شبوة النفطية وسيطروا في لمحة زمنية قصيرة ومفاجئة على ثلاث من مديرياتها بالكامل وهي (مديريات بيحان، عين وعسيلان) في اختراق استراتيجي عظيم وخطير في شكله الحالي، أما إذا تم تطويره قليلاً والاتجاه للجنوب الشرقي قليلاً والسيطرة على ثلاث مديريات أصغر أخرى، فهذا من شأنه أن يحسم الحرب نهائياً لأنه سيقسم الجنوب جغرافياً إلى جزأين منفصلين .. عموماً وبعد أن قطعوا خط الإمداد من هذه الناحية على قوى العدوان في مارب، اتجهوا صوب هذه المحافظة المفتاح وحرروا منها حرباً وسلماً ثلاث مديريات أخرى هي (مديريات حريب، جبل مراد والجوبة) وهم في هذه اللحظة حرفياً على تخوم أحياء مارب الجنوبية، والتي أصبحت مسألة تحريرها مسألة وقت .
الإنجاز الثاني، والذي ينبغي فهمه جيداً هو عاصفة الصواريخ الباليستية التي أطلقها الأنصار دفعة واحدة قبل أسبوع في وجهات داخلية وأخرى خارجية وتحديداً نحو العمق العسكري في جنوب السعودية والتي أوقعت عدداً لا بأس به من الإصابات بين ضباط وجنود السعودية أحدهم بمرتبة قائد فيلق، والأهم أنها حملت لقوى العدوان وتحديداً السعودية رسالة مهمة مفادها : نحن جاهزون ونزداد مع الوقت زخماً وعنفواناً وقوة أكثر تمكناً من توجيه ضربة كبيرة كهذه في يوم واحد وسوف تتكرر إذا واصلتم عدوانكم ولن يشغلنا عن هذا انهماكنا في القتال الداخلي مع مرتزقتكم في أصعب الجبهات وأشدها ضراوة وأكثرها أهمية كجبه مارب.
والاختراق الثالث، والذي ما يزال يلفه إلى اللحظة الغموض ويعجز عن تفسيره حتى أمهر المحللين العسكريين وأكثرهم خبرة ودراية، وهو ما حصل أمس الأول السبت 13/11/2021 في الحديدة وبقية مديريات الساحل الغربي، حيث تم كسر حصار الحديدة وهي الميناء الحيوي والرئة الوحيدة التي ما زال يتنفس عبرها أنصار الله، بعد أن أغلق عليهم تحالف العدوان كل المنافذ البحرية والجوية والبرية وأطبق عليهم الحصار الخانق، وفي ساعات استكملوا تحرير كامل مناطق مدينة الحديدة وفتحوا الطريق الحيوي الذي يربطها بصنعاء ثم انتشروا في بقية مديريات المحافظة وحرروها تقريباً معظم مديرياتها الأخرى التي أخلتها قوات مرتزقة العدوان المشتركة من دون أي قتال يُذكر، وهم الآن يقاتلون على حدود مديرية المخا الساحلية التابعة لمحافظة تعز . هذا الاختراق “الفتح” .. الإنجاز العسكري اللغز.. يعد أحدث إنجازاتهم الميدانية في جبهة ظلت نتيجة اتفاقات دولية جامدة لفترة تزيد عن ثلاث سنوات، وسمه انسحاباً تكتيكياً أو إعادة تموضع، كما يصفه المرتزقة أو إعادة انتشار، لا يهم.. ما يهم أنه أصبح إنجازاً واقعياً للأنصار على الأرض !!
وماذا يقابل هذه الإنجازات العسكرية الكبرى على المقلب الآخر ؟؟ سوى كانت قوات العدوان نفسها أو وكلاؤها المرتزقة ؟؟
إخلاء مواقع القوات السعودية في مديريات حدودية مع عمان في محافظة المهرة، هذه المناطق كانت تعد مهمة جداً جداً للعدوان السعودية على اليمن وتعتبر الضمانة الأولى لإحكام الحصار على أنصار الله عبر حراسة الحدود ومنع دخول أي أسلحة مهربة محتملة للأنصار، ثم تلاها انسحاب كامل ومحير ومفاجئ للقوات السعودية في المهرة بعدها وعتادها، هذه المحافظة التي طالما عدها المحللون أنها أحد الأهداف الرئيسية للعدوان السعودي على اليمن بغية مد خط أنابيب تصدير البترول السعودي عبر بحر العرب .
الاندحار الثاني والمفاجئ أيضاً والمحير كان هو الانسحاب العسكري السعودية بكامل معداته بما فيها الثابتة منها وذلك من محافظة شبوة النفطية الواقعة قرب مارب المقر الرسمي لغرفة عمليات تحالف العدوان وفرس الرهان !! وقد توّج هذا الانكفاء والتقهقر العسكري السعودي الفعلي بسحب كامل قوتهم العسكرية مع معداتها من عدن !!
إذن.. هناك صعود صاروخي لأنصار الله على كافة الجبهات يقابله تقهقر وانسحاب وتراجع لقوى العدوان وأدواتها المحلية في الداخل، وعجزها عن الدفاع عن نفسها أمام مسيرات وباليستيات الأنصار التي تستهدف عمقها وتعمق وتضاعف كلفتها المادية والمعنوية، ويمكن أن تسقط هذه المعادلة على كافة الأصعدة ليس العسكرية منها فحسب، بل والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والوطنية والأخلاقية وقريباً ان شاء الله سيظهر هذا الاندحار على شكل انتهاج وسائل أكثر واقعية على الصعيد الدبلوماسي وسيهرع الوسطاء والمبعوثون من كل حدب وصوب لدعوة الجميع للجلوس على طاولات المفاوضات .
وتظل مارب بمثابة رصاصة الرحمة التي ستُطلق على رأس هذا العدوان المتغطرس إما أن ترديه أو – على أقل تقدير – تصحيه من غيّه فيرضخ لدعوات السلام. |
|
|