رحيل العظماء مبكراً لا علاقة له بحساباتنا سواء كانت صحيحة أم خاطئة لأنه ببساطة لو أخضعنا حياتنا لحساباتنا القاصرة لما استطعنا أن نصل الى شيء مهما كان الأمر فإرادة الله جل شأنه فوق كل شي وهو المقدر لكل شيء والمالك لكل شيء ،ففي مثل هذا اليوم رحل الكاتب والإعلامي الكبير محمد المنصور وكان رحيله أمرا مختلفا لأنه خرج من بوابة دنيانا قبل عام الى رحاب الآخرة بسبب الحصار الجاثم لسنوات على اليمن و إغلاق مطار صنعاء في وجه المرضى الذين هم بحاجة للعلاج في الخارج.
لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فهو أيضا يتعلق ببشاعة العدوان الأمريكي السعودي في حصاره لليمن برا وبحرا وجوا وإغلاق منافذه متسببا في وفاة الكثير من المرضى اليمنيين ومنهم أستاذنا المنصور الذي كان بالإمكان علاجه في الخارج بحسب تقارير الأطباء .
من يعرف المنصور سيدرك حجم الخسارة التي أصيبت بها الساحة السياسية والإعلامية والأدبية، فرحيله كان خسارة كبيرة لأنه صاحب القرار الذي صنع في عالمه صورة الرجل الفذ الذي يحمل فكرا نيرا للناس جميعا لا عنصرية فيه ولا كراهية ، ولأنه النبيل الذي كسب ثقة الجميع.
وهاهو عام على غياب المنصور صاحب الكلمة الصادقة والكتابة الرشيقة ،تحدث الراحل في كتاباته ولقاءاته الإعلامية عن العدوان وما وراءه من أهداف قذرة وما سيخلفه هذا العدوان من جرائم بشعة على اليمنيين وكأنه كان على علم بما سيصيبه من هذا العدوان الغاشم في منعه من السفر إلى الخارج لتلقي العلاج.
هكذا يرحل العظماء مبكرا لكن سيرتهم العطرة تبقى خالدة في الوجدان ،ولقد رحل المنصور- فيما كنا نتمنى أن يطول عمره، حتى يكتمل من “مئة عام -” ،رحل وهو على علم اليقين أن العدوان الغاشم على اليمن لا يريد سلام ولا يؤمن بحوار، بل هي أطماع الأمراء الصغار في ثروات وموقع اليمن الكبير، هكذا رأى الراحل في كتاباته ولقاءاته الإعلامية فصدق المنصور الذي ما يزال حيا في قلوب محبيه في رؤيته بهذا الخصوص ،فرحمة الله على المنصور فقيد الوطن، ولا نقول سوى ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون ،لقد آلمنا فراقك وأتعبنا موتك، ولكن عزاؤنا أنك حي ترزق عند رب كريم.
* نقلا عن :السياسية