عندما تحيط بالإنسان بيئة فاسدة منحطة سافلة منعدمة القيم والأخلاق تسود فيها القسوة والفوضى والجهل والتخلف والابتعاد عن دين الله حينئذ يكون الإجرام ثقافة لتلك البيئة وتصبح الأهواء والفتن والانتهاكات سلوكاً ومنهجاً تتعمق فيها الجرائم ويعيش الناس كالبهائم بل أضلّ.
وبذلك تنحط القيم ويغيب التسامح وتنعدم الفضيلة وتفقد الإنسانية وتبقى الوحشية والهمجية صفاته وسماته.
وحين يزيد الطغيان وَالاستكبار وتعلو صور الظلم والعنصرية والمناطقية على العدالة والإنسانية وتُتبع الشهوات والماديات ويبتعد الناس عن القرآن الكريم ولا يبقى هناك اعتبارات لأي مبدأ إنساني حينئذٍ يعيش الناس في جاهلية وطغيانٍ وإفساد يتولد معها الفجور وَالحسد والأحقاد، وبالتالي لا يَسمح أبناء هذه البيئة لأن يكون للتسامح بقاء ولا للتشريع مكان ولا للعبرة مجال ولا للأخلاق ذرة من اعتبار.
وما ارتكاب عناصر التوحش والإجرام من جريمة قتل وتمثيل بحق الأسرى من الجيش واللجان الشعبيّة في الساحل الغربي إلا بمثابة إعلان براءتهم من الدين الإسلامي بقيمهِ ومبادئه العظيمة وقد مثّلوا أقوى نموذج على حيوانيتهم وانسلاخهم تماماً عن الإنسانية وفجورهم وجبنهم وانهزامهم.
ولو كانوا أحراراً لواجهوا بشرف وتعاملوا بأنفة وشموخ وقاتلوا قتال الأبطال في ميادين العزة والشرف لكنهم عُملاء خونة ليس لديهم عهدٌ ولا ميثاق ولا هدف إلا أن يُسجلوا مواقف مبتذلة رخيصة وأن يجسدوا معنى الارتزاق والعمالة خدمة لكبرائهم وأوليائهم من الأعراب المنافقين عملاء الصهيوأمريكية وإظهار السقوط الأخلاقي والإنساني الذي اتسموا به سلوكاً ومنهجاً وأفعالاً خسيسة قذرة تأبى فعلها الحيوانات التي تأنف أن تقوم بذلك الإجرام وتأبى أن تظهر حقارتها وتستعرض نذالتها كما فعل أُولئك المجرمون حين قاموا بسحل وتمثيل الأسرى المجاهدين الأحرار.
لن أتحدث هنا عن قوانين الحرب ولا عن القانون الدولي الإنساني ولا عن القانون الدولي لحقوق الإنسان ولا عن اتّفاقيات جنيف ولا عن أي عهدٍ أَو ميثاقٍ أَو أي صَكٍّ دولي يحمي الأسرى والجرحى وضحايا الحروب والعدوان.
ولن أتحدث عن واجبات المجتمع الدولي الأخلاقية والإنسانية ومسؤوليات مجلس الأمن القانونية والتزامات مجلس حقوق الإنسان ولا عن المحاكم الجنائية الدولية؛ لأَنَّي أجزم يقيناً أن المواثيق وَالعهود والقرارات والمبادئ الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وَالهيئات القضائية الدولية تخضع في مهامها لمزاج قوى الاستكبار العالمي وسياساتها ومصالحها في العالم، كما أن أثر الصكوك وعمل الهيئات الدولية أصبحت مسيّرة ومرتهنة للقوى العظمى التي لم تساهم وتدعم في تأسيس المنظمات والهيئات الدولية إلا مِن أجلِ خدمة مصالحها وأجندتها في العالم تتعقب وتلاحق وَتعتقل وتحاكم وتُصنف من تريد ووفق أهوائها وبحسب رغبتها ومصلحتها، وقد أثبت واقع الحال ألا اعتبارات إنسانية وَأخلاقية وَقانونية لدى الهيئات السياسية والقضائية الدولية.
ويكفي من خلال إطالة أمد العدوان على بلادنا أننا عرفنا حقيقة تلك المنظمات والهيئات، كما تكشّف أمام كُـلّ العالم زيف وكذب ادِّعاءاتها التي صمّت آذان الشعوب بشعارات وعناوين ومظاهر الحقوق والحريات.
كما يكفي حكمة من إطالة أمد العدوان أننا أدركنا وعرفنا الوجه الحقيقي لجارة السوء السعوديّة وأخواتها وعملائها التي تمادت في إجرامها وطغيانها وانبطاحها وعمالتها للصهيوأمريكية.
إلى الحد الذي جعل كُـلّ شعوب العالم ترى في حِلف الأعراب مع أئمة الكفر يداً واحدة وموقفاً واحداً وتوجّـهاً واحداً ضد أبناء الأُمَّــة الإسلامية.
وقد بدّلوا كلام الله وأصبحوا رُحماء فيما بينهم أذلةٍ على الكافرين أعزةٍ على إخوانهم المؤمنين وأصبحنا في نظرهم الأعداء وأصبح اليهود عندهم هم أهل الود والشفقة والرحمة ونسوا بل تناسوا أن القرآنَ الكريم مليءٌ بلعن اليهود وغَضب الله وسخطه عليهم وأن أهل الكتاب لا يودّون للمسلمين الخير وأنهم يتمنون أن نُرد كفاراً مثلهم.
إن إيغال الأعداء من الأعراب وأدواتهم في إجرامهم يبرهن فعلاً حقيقة توجّـهاتهم ومواقفهم البعيدة عن دين الله ومبادئ الإسلام وقيمه ولو كانوا مرتبطين ولو أدنى ارتباط بالدين الإسلامي الذي تتجلى مبادئه وصوره في الإنسانية والعقيدة والود والتسامح والرحمة والإخاء لما قاموا بإعدام الأسرى وَتولوا أعداء الله ورسوله وقاتلوا إلى صفهم.
ولذلك فَـإنَّ الشعب اليمني الأبي الحر لن يعوّل على جانبٍ دولي لا يقيم أي اعتبار لما يحصل من مجازر وحشية بحق الشعوب ومتعاطف مع تحالف البغي والعدوان والطغيان وصامت على انتهاكاتٍ يندى لها جبين الإنسانية والتاريخ وَإنما تعويله على الميدان وعلى عدالة القضية وعلى رجال الرجال من الجيش واللجان الشعبيّة في ساحات المنازلة الشريفة.
وطالما ونحن متوكلون على الله وثقتنا بالله عميقة ومتمسكون بدين الله وبرسوله فالنصر والتأييد والتمكين حليفنا ولن يرانا الأعداء إلا حَيثُ يكرهون غلاظاً أشداء على أعداء الله.