استقالة الطود اللبناني الشامخ “جورج قرداحي” ليست سوى عينةً واحدةً فقط للآلاف من فقاعات الانتصارات الوهمية السعودية في الحرب على اليمن..
هكذا هي انتصاراتهم وهكذا يصنعونها وهكذا يستقوون على الآخرين لكنهم في النهاية يكونون صغاراً أمام العالم كله فيما الضعفاء يظهرون بصورة الأبطال لأنهم صمدوا أمام عنجهية أموال النفط وأمراء الحروب..
اختصر وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي رسالة استقالته في عبارات موجزة ومركزة ورسائل جعلت من استقالته انتصاراً آخر يسجله له التاريخ في وجه طواغيت العصر وأمراء النفط..
سيكتب التاريخ بأحرفٍ من نور أن مواطناً لبنانياً ظن أحفاد الشيطان أن عمله معهم سيجعله يغمض عينيه عن جرائمهم في اليمن لكنهم صعقوا حينما وصف حربهم علينا بالعدوانية وبعثر أوهامهم حينما قال أنما عجزوا عنه في سنتين لن يحققوه في ثمان سنوات..
سيكتب التاريخ ايضاً ان لبنان شهد حرباً اقتصادية سعودية خليجية على شاكلة الحرب الكبرى التي يشنونها علينا ليعلم العالم كله أن هؤلاء لا يقاتلوننا على قضية وأنه ليس هناك مبررٌ لحرب السنوات السبع التي شارف عامها الثامن على الدخول وهم لا يعرفون ما الذي يريدون ان يفعلوه في اليمن ولا كيف سيخرجون منه..
الوزير اللبناني المستقيل قال أن حرب اليمن لن تستمر وسيأتي اليوم الذي يتحاور فيه المتحاربون..
نعم هذه الحقيقة التي يحاول أمراء الحرب انكارها قادمةٌ لا محالة فالحق لابد له أن ينتصر..
سيكتب التاريخ ايضاً أن الاشرار تداعوا لمحاولة اسكات صوتٍ أنار ظلمة الصمت العربي المهين وقرر المجرمون أن يعاقبوا شعباً بأكمله عن كلمة حقٍ خرجت من بين ثنايا مواطنٍ عربيٍّ شريفٍ قال لهم كفى اجراماً وعبثيةً في اليمن..
رسالة الاستقالة أو لنسمها لوحة الاستقالة الأسطورية عرّت المجرمين وأظهرت كم هم صغارٌ وضعافٌ ومحدودي العقل والضمير حينما يتعلق الأمر بقوة الحق وصدق القضية..
رسالة قرداحي أكدت أن ليس كل الصامتين عن هذه الحرب يؤيدونها ولكنها الجعجعة الفارغة للباطل التي ملأت بضجيجها الكون كله وحين ظهر صوتٌ واحدٌ للحق أحالها هباءً منثورا..
في بيان الاستقالة أو لنقل رسالة الاستقالة العظيمة قال قرداحي أنه يتمنى “أن يتذكر الجميع حين تنتهي هذه الحرب أن رجلًا لبنانيًا دعا لوقفها”..
لن ننتظر حتى تنتهي هذه الحرب لنقول لك “نعم”.. نعم سنتذكر انك دعوت بصدق وجرأة لوقف هذه الحرب العبثية السعودية علينا.. ليس ذاك فحسب بل سنتذكر ما هو اكثر من ذلك وأكثر عمقاً..
ستبقى كلماتك البسيطة قوية بقوة الحق لدرجة أنها هزت ممالكهم الرملية..
سنتذكر انك قضّيت مضاجع أمراء الحرب فجعلوا من قضية أبعادك من الحكومة اللبنانية هدفاً استراتيجي بل ووضعوا له خطة خمسية وميزانية رشوية وأقاموا في سبيل تحقيق ذاك الهدف البسيط تحالفات إقليمية ومحلية ودولية..
سنتذكر انك لم تنحني في وجه فاشية ابن سلمان ونازية ابن زايد وعنجهيه اعراب الخليج..
سيذكر التاريخ انك خلطت اوراق عملاء الدولار والريال والدرهم وانك وقفت بصدقٍ في وجه عواصف محلية وإقليمية ودولية ارادت كلها انتزاع كلمة اعتذار من ثائرٍ عربيٍّ اصيل قال في لحظة صدقٍ ان اليمنيون يدافعون عن انفسهم ولا يعتدون على احد..
نعم.. سنتذكر انك حينما آمنت بان رسالتك قد وصلت وان صوتك قد بلغ كل اصقاع الارض واخترق آذان المجرمين قررت ان تترك مركب الحرية لأصداء صوتك الحر الذي هو صوت كل مواطن عربي شريف وصوت كل انسان لم يتخل عن آدميته..
سنتذكر انك أوهمتهم أنهم انتصروا عليك بعد ان مرغت انوفهم.. وأن استقالتك التي رميتها في وجوهم بعد ان يئسوا من انتزاعها منك اظهرتك كمن “يهيل على رؤوسهم التراب”..
* نقلا عن :السياسية