ليت الرياضة في قاموسنا اليمني و(حتى العربي) أيضاً تعني السياسة ! فلربما تحلى ساستنا أو سياسيونا بذات الروح التي يتحلى بها رياضيونا على الدوام أو حتى بقدرٍ منها !
ربما كانوا سيحركون شيئاً مما يحركه الرياضيون فينا بين الفينة والأخرى من مشاعر الأخوَّة والوطنية الصادقة تجاه بعضنا البعض والنابعة دوماً من إحساسٍ عميقٍ بروح الولاء والإنتماء !
على أية حال،
في آواخر ثمانينيات القرن الماضي كتبت إحدى الصحف العربيات أن الوحدة اليمنية قد تحققت في استاد الرياض .
يومها لم تكن الوحدة اليمنية بمدلولها السياسي والبروتوكولي قد تحققت فعلاً بعد !
لكن الصحيفة أشارت أنها تحققت ! كيف ؟
جاء ذلك طبعاً على إثر قرار الحكم وقف وإلغاء مباراة كرة قدم في لحظاتها الأخيرة جمعت بين منتخب الجنوب اليمني سابقاً مع المنتخب السعودي والتي كان المنتخب اليمني الجنوبي متقدماً فيها بهدفين لهدف .
ويبدو أن النتيجة هذه لم ترق للاعبي المنتخب السعودي وبعض جماهيره المساندة له الذين على ما يبدو عز عليهم أن يهزمهم منتخب بلدٍ ظلوا زمناً يصنفونه في خانة البلدان الغير صديقة، فاحتالوا لذلك الامر بمحاولة إجبار الحكم على إلغاء المبارة وذلك من خلال خلق حالة من الشغب والفوضى في الملعب بدأت بمحاولة الاستفراد والتحرش والاعتداء على لاعبي اليمن!
كان اليمنيون الشماليون يومها هناك في السعودية يتمتعون بحقوق وامتيازات استثنائية تساويهم بالمواطن السعودي بعكس اليمنيين الجنوبيين طبعاً والذين لم يكن يسمح لهم أصلاً بالدخول إلى الأراضي السعودية أو الإقتراب منها وذلك لأسباب سياسية وآيدولوجية معروفة آنذاك .
هذا يعني أن الجماهير التي جاءت لتساند المنتخب اليمني الجنوبي كان جلها من الشمال .
خلاصة القول ..
ما إن حاول السعوديون الاعتداء على لاعبي اليمن إلا وهبت الجماهير اليمنية بالنزول من على المدرجات إلى أرض الملعب للدفاع عنهم وتوفير الحماية اللازمة لهم لتبدأ بعدها عملية اشتباك مباشر مع الجماهير السعودية وصل إلى حد استخدام (الأحزمة) و(الأحذية) في معركةٍ ملحمية دامت لأكثر من ساعة .
هنا وأمام هذا المشهد الوحدوي خرجت تلك الصحيفة في اليوم التالي (بمانشيت) عريض يقول أن الوحدة اليمنية قد تحققت في استاد الرياض .
اليوم وبعد مضي أكثر من ثلاثين سنة على تلك الواقعة يعود إلينا ذات المشهد الرياضي بالظهور مرةً أخرى مع اختلاف ضيئل طبعاً في بعض المسميات والجوانب الهامشية والشكلية .
يعود ليوحد ضمائر وقلوب اليمنيين من جديد ويؤلف بينهم ويجمعهم حول فريق واحد هو هذه المرة منتخب اليمن الموحد للناشئين الذي لم يخيب ظن وآمال الجماهير اليمنية في هزيمة وقهر المنتخب السعودي وانتزاع الكأس منه ناسفاً بذلك وفي لحظة عفويةٍ كل المشاريع الصغيرة المستحدثة والداعية إلى تقسيم اليمن وتمزيقه والرامية إلى زعزعة أمنه واستقراره والتآمر عليه وعلى وحدته وكاشفاً في الوقت نفسه حقيقة العقلية والذهنية الانتهازية والمتبلدة التي يفكر بها بعض السياسيون والخاضعة دائماً لحسابات متقلبة ومتغيرة غير مرتبطة في كثيرٍ من الأحيان بوطنٍ أو أمة أو كرامة.
هذا يقودنا حتماً إلى تأكيد القول الشائع بأن ما تفسده السياسة في سنوات قد تصلحه الرياضة في يوم أو ربما في أقل من ساعة ونصف .
فهل تنجح الرياضة اليوم في اليمن في لملمة ما بعثرته ومزقته السياسة والسياسيون ؟!
من يدري ؟
#معركة_القواصم
* نقلا عن :رأي اليوم