المتأمل للمواقف والتحركات الأممية تجاه الأوضاع في بلادنا في ظل العدوان الغاشم والحصار الجائر يصاب بالحسرة والإحباط ويدرك حقيقة المجتمع الدولي بكل هيئاته ومكوناته وفي مقدمتها الأمم المتحدة، هذا الكيان الأممي المشبع عمالة وارتهانا وارتزاقا ، أكثر من سبعين عاما مضت على تأسيسها ، وما تزال لوائحها وأنظمتها وقوانينها والاتفاقيات المنظمة والحاكمة لقراراتها ومواقفها مسخرة في مجملها لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية وتصب في خدمة مصالحها وتعزيز نفوذها ولا تطبق قوانينها ولوائحها إلا على الدول المناهظة لمشاريع الهيمنة والتسلط الأمريكية بهدف تركيعها وإذلالها وإجبارها على الخنوع والخضوع للبيت الأبيض وتقديم قرابين الولاء والطاعة .
وما يثير العجب والاستغراب في الدور الأممي تجاه العدوان والحصار الأمريكي السعودي الإماراتي هي تلكم المواقف التي تصدر عن المبعوثين الأمميين إلى اليمن والمنوط بهما في المقام الأول مهمة توفير مناخات ملائمة لجمع الأطراف المتصارعة على طاولة الحوار كخطوة تمهيدية على طريق حل الأزمة اليمنية بكل إشكالياتها وتعقيداتها ، حيث لاحظنا منذ الوهلة الأولى لتعيين المغربي جمال بن عمر عدم رغبة الأمم المتحدة في حل ملف الأزمة اليمنية من خلال ذهابها نحو الحوار والتفاوض والتشاور في ظل العدوان والحصار ، وهو ما يحول دون نجاح أي مفاوضات أو مشاورات ، وعلى الرغم من التحركات الجادة والمسؤولة التي بذلها بن عمر والتي كانت في طريقها لتحريك المياه الراكدة في ملف الأزمة اليمنية والتوصل إلى صيغة توافقية لحل شامل للأزمة إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تحركت ومارست ضغوطات على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بغرض تغييره بعد أن منحت السعودية الضوء الأخضر لشن عدوانها الهمجي وفرض حصارها الإجرامي على بلادنا وشعبنا ، وظلت المواقف الأممية تتسم بالسلبية المفرطة خلال فترة عمل إسماعيل ولد الشيخ أحمد وغريفيث وصولا إلى المبعوث الأممي الحالي هانس غروندبرغ .
والأخير حكايته حكاية ، فلا يزال حتى اللحظة يحرث في البحر ، ولم نلمس منه أي تحركات تُقدّمه لليمنيين كمبعوث أممي محايد ، فمنذ تعيينه وحتى اليوم لم يقم بأي عمل يصب في جانب تخفيف معاناة اليمنيين جراء العدوان والحصار ، جاء على مخرجات اتفاق «استوكهولم» ذات الصلة بالحديدة والذي يمثل أولوية نظراً لارتباطه بالجانبين الاقتصادي والإنساني ، وكان الأحرى به المضي في تنفيذ هذا الاتفاق وترجمته على أرض الواقع ، ومن ثم ينطلق في تحركاته لحلحلة الملف السياسي ، ولكنه ذهب لدعوة ما يقارب من مائة شخصية يمنية غالبيتهم من الموالين للعدوان والمقيمين خارج الوطن لمشاورات في العاصمة الأردنية عمان الهدف منها بحسب بيان صادر عن مكتبه ( تحديد الأولويات العاجلة وطويلة الأجل للمسارات السياسية والأمنية والاقتصادية. وهذا من شأنه أن يُثري تطوير إطار العمل الخاص بالمبعوث الأممي الذي سيحدد عملية جامعة متعددة المسارات تتعامل مع الاحتياجات العاجلة والقضايا طويلة الأجل المطلوبة لإحراز تقدم نحو التوصل إلى تسوية سياسية ) .
بالمختصر المفيد العدوان يشارف على دخول عامه الثامن و لا يزال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ يبحث عن خارطة طريق ومحددات وكمنطلقات لعملية السلام ، التي تحتاج لضمائر حيّة ورغبة أممية صادقة بمعزل عن المراوغات والمداهنات واللف والدوران والمماطلة والتسويف والتي لا تخلو من الانحياز لصف العدوان ومرتزقته ، يذهب لعقد مشاورات شكلية مع قوى مشاركة ومساندة للعدوان والحصار على بلدها وشعبها ، رغم أنه لا يحتاج إلى ذلك ، حيث كان عليه أن يبدأ من حيث انتهى سلفه ، لا أن يعود إلى مربع الصفر نزولا عند الرغبة الأمريكية والمصلحة الأممية ، مشاورات الأردن مضيعة للوقت وإهدار للمال ومغالطة أممية مفضوحة ، فمن يرغب في حل الأزمة اليمنية عليه أن يوقف العدوان وينهي الحصار ويشرع في دعوة الأطراف المتصارعة للجلوس على طاولة الحوار ، حوار يمني سعودي ينهي أي تدخل سعودي في الشؤون اليمنية ، ويمهد لحوار يمني – يمني بين اليمنيين للتوصل إلى حل شامل للأزمة بكل تداعياتها وأبعادها.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله. .