بعد مرور ما يقرب من سنتين ونصف على اندلاع عاصفة الحزم الإسلاميّة بقيادة المملكة العربية السعودية، وبعد فشلها في حسم المعركة لمصلحتها رغم كل القتل والتدمير والتشريد الذي ألحقته باليمن وشعبه، دخلت هذه الحرب منعطفا جديدا بإعلان محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي عن تشكيل مجلس سياسي إنتقالي لإدارة شؤون الجنوب، والعمل على إنفصاله النهائي عن الشمال، وإعادة إقامة دولة جنوب اليمن المستقلة التي ألغيت بعد دخولها في وحدة إندماجيّة مع الشمال عام 1990 .
تشكيل هذا المجلس الذي سيقوم بمهام حكومة مؤقّتة تمثّل وتقود الحراك الجنوبي المطالب بالإنفصال عن الشمال وتدعمه بالمال والسلاح، ستكون له تداعيات خطيرة على اليمن والسعودية وعلى تحالف عاصفة الحزم . إنه سيزيد الوضع الأمني تعقيدا في عدن والمحافظات الجنوبية والشمالية، ويشكل تحدّيا خطيرا للقوات المتحالفة مع عبد ربه منصور هادي والسعودية، ويخلق تحدّيات جديدة للحوثيين وحليفهم علي عبدالله صالح، وقد يشجّع محافظات أخرى في الجنوب والشمال على التفكير في الإنفصال، ويقود القبائل اليمنية إلى نزاعات مسلّحة تدوم طويلا ويكون لها تأثيرها على زعزعة استقرار السعودية !
اليمن عصيّ على الإحتلال بصلابة أبنائه الذين هزموا جميع المعتدين الذين حاولوا احتلاله والسيطرة على مقدّراته .عاصفة الحزم فشلت بعد كل هذا التدمير والقتل من تحقيق انتصار، ويبدو أن لا أمل لها بحسم الوضع لصالحها . نتائجها الواضحة حتى الآن هي انها دمّرت اليمن وأدّت إلى تقسيمه، وكلّفت مئات المليارات من الدولارات، ومكّنت دولا معادية للأمة العربية من التدخل العسكري المباشر في الشأن اليمني والعربي، وزادت ضراوة الصراع الدولي على المنطقة.
السعودية ارتكبت خطأ إستراتيجيا فادحا بشن هذه الحرب لعدّه أسباب أهمها أنها أقحمت نفسها في حرب لا لزوم لها مع دولة عربية فقيرة جارة لها، وإنها لا تملك جيشا كبيرا لحماية حدودها الشاسعة مع جيرانها وخاصّة مع اليمن التي تتكوّن في معظمها من مناطق جبلية وعرة معزولة من الصعب السيطرة عليها وحمايتها، وتواجه مشاكل إقتصادية خانقة بسبب إنخفاض أسعار النفط ونفقات مشاركتها في الحروب العربية، وتعاني من إزدياد مضطرد في الهجمات المسلّحة ضدّ نظامها السياسي خاصّة في المنطقة الشرقية، ولم تضع في الحسبان أن اليمنيين سيشنون حرب عصابات ضدّها ستصل إلى مدنها وقراها الجنوبية، وتسهّل وصول السلاح إلى المعارضة السعودية !
تشكيل مجلس سياسي في عدن للعمل على تقسيم اليمن هو بداية النتائج المدمّرة المتوقّعة لهذه الحرب الظالمة التي قد تستمر طويلا، وتؤدّي إلى نزاعات قبليّة يمنيّة مسلّحة في الشمال والجنوب ، وإلى تقسيم اليمن إلى عدّة دويلات قبلية . أما امتداد الحرب إلى المدن والقري السعودية الجنوبية، فإنّه ليس إلا بداية استحقاقات باهظة الثمن ستدفعها المملكة قد يكون من بينها زعزعة إستقرارها وتفكيكها إلى عدّة دول !
كاتب فلسطيني