امتلك الشهيدُ القائدُ حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- رؤيةً ثقافيةً قرآنيةً متميزة، وَتجلى مشروعُه بالدقة في الوقوف على معاني ودلالات الآيات الكريمات والوضوح في تفسيرها وتبيينها للصغير والكبير، يفهمه العلماء والمثقفون وعامة الناس من المتعلمين والبسطاء، تجلت عظمة المشروع القرآني في عالميته وصفائه، وكشف من خلال المشروع طبيعة ونوع الصراع التاريخي الذي تواجهه الأُمَّــة الإسلامية وكيف يمكن الوقوف بحزم وصرامة وجدية ضد أعداء الله ورسوله والمؤمنين؛ انطلاقاً من القرآن الكريم الذي قال عنه سبحانه: “ما فرّطنا في الكتاب من شيء”، وقال أيضاً: “ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء”.
تميز المشروع القرآني بمواجهته للهجمة العسكرية الصهيوأمريكية وبمواجهته للهجمة الثقافية والإعلامية والسياسية المضلّلة الضالة الكاذبة التي تسعى لإذلال الأُمَّــة الإسلامية وقهرِها وهدمِ عزتها وكرامتها.
رؤيته بحقٍّ صحيحة وصائبة تبني دولةً وتُحقّق عدالةً وتُعِزُّ أُمَّـة أراد لها الله ذلك لتكون خيرَ أُمَّـة أخرجت للناس.
كان للشهيد القائد قدرةٌ فائقة وتمكُّن فريد في تقييم الأحداث واستقراء المستقبل وقراءة الوضع في ظل التعقيدات والتحديات التي تواجه الدين الإسلامي وتحاول النيل من مبادئه وقيمه وتشويه أهدافه.
استندت دروس الشهيد القائد ومحاضراته إلى رؤيته العميقة للقرآن الكريم وقراءته الشاملة والتفصيلية لمحتواه، واستلهم من القرآن واستفاد منه في التحليل الموضوعي للأحداث والوقائع والمشاكل التي تمر بها الأُمَّــة الإسلامية، وبالذات مع ظهور وبروز محور الشر في هذا العالم أمريكا وما لديها من هيمنة وتسلط وما تملكه من ترسانة عسكرية مدمّـرة وآلةٍ إعلامية وثقافية منتهِكة.
دعا الشهيد القائد إلى استنهاض الأُمَّــة لتتحَرّك بمسؤولية وأمانة وضرورة إدراك خطورة التقصير والإهمال والخوف أمام مؤامرات وتهديدات أعداء الإسلام التي ينبغي على كُـلّ إنسان مسلم أن يعيَ تلك المؤامرات ويسعى جاهداً لكشفها وفضحها وألا يخشى أحداً إلا الله سبحانه وتعالى.
وإزاء ذلك كان الشهيد القائد جريئاً شجاعاً في قول الحق لا يخشى في الله لومة لائم، وكما كان كذلك كان مشروعه القرآني متميزاً عن سواه رؤيةً وقراءةً وتحليلاً وتشخيصاً للأحداث مع ربطها بالقرآن الكريم.
ولا أبالغ حين أقول: إن الشهيد القائد كان متميزاً وفريداً في تفسيره العميق لآيات القرآن الكريم، فقد وقفتُ وأنا أتمعن في مضمون المحاضرات عند إحدى الآيات التي تحدث عن معناها وأبعادها ودلالتها الشهيد القائد ودفعني الاهتمام إلى البحث عما قاله كبار المفسرين عن ذلك فلم أجد بياناً شافياً وقولاً واضحًا وتفسيراً دقيقاً مثل ما قاله الشهيد القائد عن هذه الآية في قوله سبحانه: “الذينَ يُبلغونَ رسَالاتِ اللهِ ويَخشَونهُ ولا يخشَونَ أحَداً إلا الله”.
ولك أيها القارئ الاطلاع والتأمل والاستفادة من منطق وحكمة الشهيد القائد، ولك أن تعِي وتدرك أن إقامة دين الله بحاجة إلى تحَرّك ضد الباطل وبحاجة إلى شجاعة في قول الحق وبحاجة إلى جهاد وتضحية ومقارعة لأهل الباطل وعدم الخوف أَو الخشية من أحد إلا من الله.
يتحدث الشهيد القائد في المحاضرة التي تحمل عنوان “لا عذر للجميع أمام الله” بقوله: ماذا تعني هذه الآية!! أن في رسالات الله أن في دين الله ما يثير الآخرين وما قد يجعل كَثيراً من الناس يخشون أن يبلغوه.. لماذا؟ لو كان الدين كله على هذا النمط الذي نحن عليه ليس مما يثير لما قال عَمَّن يبلغون رسالاته أنهم يخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله، فهذا يدل على أن هناك في دينه ما يكون تبليغُه مما يثير الآخرين ضدك مما قد يدخلك في مواجهة مع الآخرين.. من هم الآخرون!! أهل الباطل أهل الكفر أهل النفاق يهود أَو نصارى أَو كيف ما كانوا.. هؤلاء من قد يواجهونك وهذه هي قيمة الدين وعظمته، لو كان الدينُ على هذا النحو الذي نحن عليه لما كان له قيمة؛ لأَنَّه دينٌ لا أثرَ له في الحياة ولا يحق حقاً ولا يبطل باطلاً، دين ليس له موقفٌ من الباطل، لو كان الإسلام على هذا النحو الذي نحن عليه لما كانت له قيمة؛ لأَنَّه إسلامٌ لا ينكر منكراً ولا يعرف معروفاً ولا يواجه باطلاً ولا يواجه مبطلاً ولا يواجه كافراً ولا يواجه منافقاً ولا يواجه مفسداً.. فلتفهم أن ما نحن عليه ليس هو الإسلام الصحيح عندما ترى نفسك أنه لا ينطلق منك مواقف تثير أهل الباطل ولا تثير أهل الشرك أنك لست على شيء وَإذَا كنت ترى أنك على الإسلام كله فأنت تكذِبُ على نفسك وتكذِبُ على دينك، إن الإسلام هو الذي حرّك محمداً -صلواتُ الله عليه وعلى آله-، فلماذا هذا الإسلام لا يحرّك الآخرين؟