عاشوراء وملحمتها الحسينية الخالدة هي الفداء للمبدأ والقيمة الإنسانية السامية في أعلى مستوياتهما وأرفع تجلياتهما.. هي التضحية في سقفها الأعلى.. العطاء الأكرم والأنبل لأجل الحياة العزيزة الكريمة التي لا يهتك حرمتها الطغيان والجور..وهي العملية الصيانية الأكبر لخط السير الإلهي للإنسان على ظهر هذه الأرض، في صيغته المحمدية القرآنية الخاتمة، أو المحجةِ البيضاء..بُعيد أن ألحق به الانحراف الطاغوتي اليزيدي الأموي المبكر الكثير من الأذى..
عاشوراء الصدى المتردِّد عبر الأزمنة للشهادة العظمى أو الموت-كما نسميه مجازا- لأجل الحياة..
إنه الإيثار في مستواه الأكمل والأسمى والأنبل وعنوانِه الحسيني المُشع في جبين المسار الإنساني المضبوطِ إيقاعا وأهدافا وغاياتٍ على مقتضى الإرادة الإلهية..
وفي قلب هذه المعاني والمضامين والمحدِّدات تتبلور الخلاصة الثورية الإبائية المُحقة لموقف الإمام الحسين(ع) ومن معه في كربلاء الطَّف ،مرفرفة بأجنحة صيحة الحرية الخالدة ونداء الروح المنصهرة في بوتقة العلاقة الوثقى بربها : “هيهات منا الذلة»..
هذا النداء الملخِّص لكل حيثيات وجواهر الملحمة الحسينية الخالدة..ليس رعدا مدويا في حناجر ومهج الأحرار ، ومزلزلا لعروش الطغاة ومجرمي التسلط في كل زمان ومكان فحسب ، ولا شعارا محلقا بأجنحة من نور ونار في آفاق التواريخ والأزمنة منذ ميلاده الحسيني العاشورائي الأغر قبل نحو١٥٠٠عام فقط…بل إنه طاقة معنوية إيمانية جهادية هائلة ومتجددة باستمرار ، وروحُ إباء شامخ عصي على الموت والاندثار ..روحٌ يغطي أشواق الحرية الإنسانية بمساحتها العريضة الشاسعة ، ويمنحها قدرات السير في أوعر الدروب وأخطر المسارات وأوحش المسالك..ويحقنها بيقين النصر في كل مواجهة مع الجبروت المتفرعن على امتداد العصور والأمكنة..
إنه فولاذ الإرادة والموقف لدى كل مؤمن مقارع لشرور الطغيان المستبد.. الفولاذ الذي لا ينكسر.
هذا هو أحق وأدق الوصوف الممكنة لنداء {هيهات منا الذلة} الذي من الجلي-وفق هذه الحيثيات والمعطيات-أنه أكبر وأعمق من دوي حناجرنا به في كل مناسبة عاشورائية سنوية.. وأرحب من كل حماساتنا النظرية والشعارية! وحقه على كل الأحرار المؤمنين به في هذه الأمة تحديدا أن يكون منصهرا لكل طاقات فعلهم وممارستهم ومواقفهم وسياساتهم في كل آن وفي كل لحظة ..
وأنا أقترح أن يُعتمد هذا النداء الخالد شعارا رسميا ويثبت في وسط العلم الوطني.. أليس هذا أمرا يليق بيمننا الحر الثائر الجديد ، يمن ثورة الـ٢١من سبتمبر المباركة ،الذي مزَّق عباءة التبعية ، ومرَّغ أنف أعتى عدوان أمريكي صهيوني طاغوتي عالمي مستكبر في الوحل ؟.