لا يمكن للأيديولوجيا المذهبية اللاحقة أن توقف الثورة الحسينية في عام 61 هجرية، لا أستطيع مثلا أن أجد فرقا بين ثورة الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) وثورة حفيده الإمام زيد بن علي (عليه السلام)، ومن يريد تصوير عاشوراء على أنها أحداث سنة 61 هجرية لتدخل الأمة بعدها في سرداب طويل من البكاء والعويل والتقية للظالمين فإنه يُشَكِّلُ الوجه الآخر للخاذلين للحسين العارفين لوجوب نصرته، وهو يشكل الرافد الأهم لتفرعن الفرعون واستمراره، وبالتأكيد فإنه كما يجب أن نحتفي بالحسين وثورته يجب أن نحتفي بزيد وثورته، فهما ينبعان من عين واحدة، ويتَّحِدان شكلا وموضوعا، وهذا هو ما ميّز ثوار أهل البيت الزيدية على من سواهم.
هذا المنهج العلوي المتدفِّق بالعطاء هو الذي جدَّدَ رونق الإسلام وأنار بهاءه، وأحيا مآثره ومشاريعه، فعند كل بدعة يتفرعن فيها فرعونٌ من هذه الأمة نجد هؤلاء الأئمة العلماء المجتهدين المجاهدين يحملون أكفانهم على أيديهم ويخرجون لاقتلاع جذور الفرعنة والاستبداد، لا مجال لديهم في المهادنة، ولا في المحاباة، لقد شكلوا الينابيع الثرّة التي يكتسب الإسلام منها حياته مرة أخرى، بعد كل عاصفة من الضلال تحل به، إنهم الأمان من الضلال كما ورد في حديث الثقلين، وهم كسفينة نوح، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا المنهج لا يمكن أن يغيب عن الأمة في الوقت الذي تحتاجه ولا بد أن يتجدد على مر الزمن وكر الدهر.
* نقلا عن : لا ميديا