في سماء اللحظة التاريخية اليمنية، ضمن نطاقها الكوني الأوسع، عربيا وإسلاميا وإنسانيا.. وفي لآلئ المباهج الاحتفائية المحمدية المباركة بزخمها اليمني الإيماني الفريد.. في هذا الخضم المفعم بالبركات، وشوامخ العزم الجهادي الفولاذي المواجه للعدوان في عامه الثامن.. تطل مناسبة الثورة الاستقلالية التحررية في ١٤أكتوبر ١٩٦٣م في سنويتها العيدية الـ٥٩ المجيدة، مذكرةً بملحمة الجهاد والكفاح المقارع لشر المحتل البريطاني البغيض، بما أفضى إلى تحرير أرضنا في الجنوب وتطهيرها من رجسه وجلاء آخر جنوده قبل ٥٥عاما، ومضيفةً المزيد من استحقاقات هذه اللحظة الفارقة التي نعيشها، خصوصا ما له علاقة بالوعي، وهنا تبرز حقيقة جلية مفادها أن عدو الأمس هو عدو اليوم..
فبريطانيا المطرودة من وطننا حين جاءت بزيِّها الكولونيالي الحقيقي، هي العدو الذي واجهناه ونواجهه اليوم.. وهي الذئب نفسه الذي عاد وقد غيَّر جلده وارتدى مشلح الأعراب وعقالهم!.
نعم.. بريطانيا هي العدو الألد والأخطر والأشد حقدا.. والمعطف البريطاني الناعم كجلد الأفعى هو الأكثر إتقانا وأناقةً وحريريةً ومطابَقَةً لمقاس الخُبث اليهودي (الصهيوني الماسوني) وغلوائه الشديدة السُّمية على الإسلام المحمدي وهوية هذه الأمة الأصيلة!
وفي «أناقة» هذا المعطف القاتل تكمن الخطورة.
ولذلك وجب ألا نغتر بـ»دماثة» الذئب! ونعومة ملمس الأفعى الرقطاء..
فتَحتَ هذه النعومة تختفي حيوانات مفترسة، عانت منها البشرية ومازالت الكثير، وكابدت الويلات، وخصوصا نحن معشر العرب والمسلمين، الذين لطالما اكتووا بنار الكيد البريطاني والمكر الذي «لتزول منه الجبال»، سواء في قضية فلسطين أو في سائر قضايانا الأخرى..؛ وقضيةُ العدوان الباغي علينا هي واحدة منها لاريب، ودورُ الشيطان البريطاني في هذا العدوان محوري وأساسي، ولا يقل خطورة ومحورية عن الدور الأمريكي، وإن كان المكر الذي نلمحه في هذا السياق يحاول بكل وسائل الخداع والتضليل والالتفاف السياسي والإعلامي مواربة هذا الدور والتستر عليه لإظهار بريطانيا بمظهر الساعي إلى السلام والحريص على مصالح الضحية لعدوانٍ يتصدر واجهته ويغطيه ماليا وتنفيذيا أعرابُ الخيانة و»التتبيع»، وهي عقلُه الخبيث المدبر وقائدُه الخبيء وراء الستار، جنبا إلى جنب مع الشيطان الأمريكي!.
منذ ما يربو على قرن من الزمان والعرب- للأسف الشديد- خاضعين للتنويم المغناطيسي الغربي، ينتظرون الوفاء بوعود كاذبة وتعهدات سرابية بحلول منصفة لقضاياهم ومظلومياتهم المتراكمة التي أزمنت مآسيها وتسرطنت جروحها النازفة، وما كان ذلك ليحدث لو لامس عقولَهم وضمائرهم صوتُ الشاعر العربي المهجري/ رشيد الخوري، الذي ارتفع بالعقيرة محذرا ساستهم وقادتهم، من حينها، ولافتا إلى خطورة «الذئب» الاستعماري الغربي ومكره، وخصوصا بريطانيا وفرنسا، ولاحقا-طبعا- أمريكا.. قائلا:
«نصحتُكَ لاتمدُدْ إلى أبرصٍ يدا
ولو أمطرت كفَّاه دُرّاً وعسجدا
لأمرٍ يلاقيك الفرنجيُّ باسماً
فزِدْ حذَراً مازاد ذئبٌ تودُّدَا»!