يتفق جميع الأحرار والشرفاء في بلادنا على أن هناك تحولاً تاريخياً حصل في المجتمع، على مستوى الوعي الفكري الذي عن طريقه تُبنى النظرة الصحيحة للأمور كلها، ويتحقق التوازن على مستوى الحركة والأسلوب العملي المتبع، فيستقيم السلوك الأخلاقي، وتقوى المواقف، ويتعزز النمو، ويستمر التقدم والإبداع.
ومادمنا في رحاب رسول الله صلوات الله عليه وآله، فلا بد من ملاحقة السمات والخصائص التي تفرد بها المجتمع النبوي، والعمل على ترسيخها في نفوسنا وواقعنا، بحيث نصبح الامتداد الطبيعي الأصيل لذلك المجتمع، عندها لن يكون هذا التحول مجرد انفعال لحظي سرعان ما يزول ويتبخر، تبعاً لما قد يطرأ على الساحة من أحداث ومتغيرات، وما ينتج عن ذلك من بروز أفكار واتجاهات مخالفة لنهجنا وخطنا ورسالتنا وديننا، وإنما سيبقى هو المعطى الثابت مهما كانت المتغيرات، والميزان الضابط للحركة أياً كانت المستجدات، والقوة الباعثة على الاستمرارية في التقدم مهما تبدلت المواقع، واختلفت المواقف، واختلت المعايير والمقاييس من حولنا، ولعل أبرز تلك السمات والخصائص التي لا بد أن نسعى لترسيخها لدى مجتمعنا، كي تتحقق له الصلة المطلقة بالرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، هي:
١. العمل على تعزيز الصلات الفكرية والروحية بين القاعدة الجماهيرية وبين القيادة، بحيث تذوب كل الحواجز والموانع التي تحول دون توحدهما في ميدان تحمل المسؤولية، وتمنح لكلٍ منهما موقعه ودوره، فلا تغفل القاعدة الجماهيرية عن مدى أهمية قائدها، في ما يعطيه من فكره ونشاطه وأسلوبه العملي، وقدرته على مواجهة كل التحديات، وحرصه الدائم على المجتمع، وسعة أفقه التي تستوعب الجميع وتعيش القرب الشديد منهم، ولا يلغي القائد دور القاعدة الجماهيرية، في ما قامت به من جهاد ونصرة، وقدمته من تضحيات بالنفس والمال، وبهذا تصبح القيادة والقاعدة في مسار واحد، جنباً إلى جنب، ولا يعني ذلك: الانتقاص من القيادة، وإنما جعلها هي الروح المستوطن لكل جسد من أجساد أتباعها، تماماً كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله، والذي قال أحد أصحابه عنه: لقد كان فينا كأحدنا.
٢. الحرص على البناء المعنوي والتربية الروحية، لأن ذلك هو العامل الذي نستطيع بموجبه تحويل الخسائر إلى أرباح، ونتمكن من خلاله من تحويل أي نقطة ضعف إلى نقطة قوة، وذاك ما نلمسه بقول الإمام علي عليه السلام: والله لابن أبي طالب أأنس بالموت من الطفل بمحالب أمه.. ونجده بقول السيدة زينب عندما قيل لها: أرأيت ما فعل الله بكم؟ فأجابت: ما رأيت إلا جميلاً.
* نقلا عن : لا ميديا