59 عاماً مضت على ثورة الرابع عشر من أُكتوبر ضد قوات الاحتلال البريطاني البغيض، الثورة الشعبيّة اليمنية التي فجّر براكينَها وأشعل جذوتَها كوكبةٌ نيرة من المناضلين الشرفاء الأحرار من أبناء الجنوب، مورست في حقهم أبشع وأشنع أشكال القمع والتعذيب وسقط العديد منهم شهداء عظماء، بعد أن سطروا الملاحم البطولية التي تشرئب لعظمتها الأعناق وتفاخر الأجيال المتعاقبة، لم ترهبهم الإمبراطورية البريطانية وهي في عز قوتها، ولم تثنِهم آلة القمع البريطانية المتوحشة عن القيام بواجب النضال والمقاومة بغية الخلاص من الاستعمار البريطاني وإعلان التحرّر والاستقلال؛ لأَنَّهم عشقوا أرضهم وأكلوا من خيراتها، ولديهم قناعة راسخة بفداحة التفريط في الأرض والتي لا تقل في فداحتها عن التفريط في العرض، لذلك هبوا من مختلف المناطق اليمنية في الشمال والجنوب هبة رجلٍ واحد؛ مِن أجلِ إنهاء المعاناة التي كان يكابدها أبناء الجنوب، وَالخلاص من الاحتلال الذي جثم على صدورهم قرابة 129 عاماً.
اليوم تحل هذه الذكرى والمحافظات الجنوبية اليمنية تعيش في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، نتيجة الاحتلال السعوديّ والإماراتي الذي يمثل مطية للمحتلّ الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي الذين يمنون أنفسهم بالسيطرة على ثروات ومقدرات اليمن والهيمنة على مواقعها الاستراتيجية على البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي في سياق مخطّطهم الاستعماري القذر الذي يرام تنفيذه في المنطقة، محتلّون جدد من أبناء جلدتنا، جندهم الشيطان الأكبر للاعتداء على دولة جارة مستقلة، والسعي؛ مِن أجلِ تمزيقها بعد فرض واقع احتلالهم لها من خلال مرتزِقتهم وأدواتهم من أبناء المحافظات الجنوبية المحتلّة، الذين مهدوا وعبدوا لهم الطريق وشرعنوا لهم تواجدهم العسكري وانتهاكهم السافر للسيادة اليمنية، وتحكمهم في إدارة شؤون المحافظات الجنوبية ودعمهم لمشاريع الانفصال والتشظي والصراعات المناطقية والحزبية.
يتحدثون عن الخطر الإيراني الذي لا وجود له إلا في مخيلتهم، في حين أنهم هم الخطر الحقيقي الذي يتهدّد اليمن واليمنيين من المهرة وسقطرى إلى صعدة، يحتلون الأرض وينهبون الثروات ويعيثون الفساد وينشرون قبحهم وينفثون سمومهم الخبيثة الفتاكة التي تهدف للنيل من تماسك النسيج الاجتماعي للمجتمع اليمني، ويقدمون أنفسهم على أنهم بالنسبة لليمن واليمنيين (سفينة نوح) من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى، يعملون بوتيرة عالية على إخضاع المحافظات الجنوبية لسلطتهم، وقمع الأصوات الوطنية المعارضة لتواجدهم العسكري والرافضة لتدخلاتهم السافرة في الشؤون الداخلية اليمنية، ويضخون الأموال والأسلحة لأدواتهم من أبناء المحافظات الجنوبية للاقتتال والتناحر فيما بينهم، ومن ثم يدعون إلى التصالح والتسامح، ويذهبون بكل وقاحة وقلة حياء لتنظيم مؤتمرات دعائية لحل الأزمة التي هم السبب فيها.
59 عاماً على قيام ثورة 14 أُكتوبر المجيدة ولا يزال العديد من أبناء المحافظات الجنوبية يطبلون ويرحبون بالمحتلّين الجدد، وكم هو مخجل حال هؤلاء وهم يحتفلون هذه الأيّام بثورة 14 أُكتوبر التي قامت ضد المحتلّ البريطاني، وهم يرفعون أعلام المحتلّ السعوديّ والإماراتي، ويقاتلون في صفه، ويقدمون له العون والمساعدة على احتلال محافظاتهم ونهب ثرواتهم وانتهاك أعراضهم!!!! ولا أعلم أين عقولهم؟!! وأين ذهبت غيرتهم؟! وعلى من يضحكون باحتفالهم بثورة الرابع عشر من أُكتوبر وهم اليوم من يشرعنون للمحتلّين الجدد؟!
بالمختصر المفيد ثورة 14 أُكتوبر انتصرت بنضال الأبطال الأحرار من أبناء الجنوب بقيادة المناضل الجسور راجح غالب لبوزة، وَكما نجح أُولئك الأحرار في إجبار المستعمر البريطاني على الرحيل من جنوب الوطن الغالي، سينجح أحفادهم من أحرار الجنوب خَاصَّة واليمن عامة في ترحيل الغازي السعوديّ والإماراتي والأمريكي والصهيوني وكلّ الغزاة من المحافظات اليمنية المحتلّة، وسيستعيد اليمنيون سيادتهم على بلادهم ويحافظون على وحدتهم بفضل الله وعونه وتأييده وبجهود كُـلّ المخلصين من أبناء هذا الوطن الحبيب، وستظل اليمن مهلكة ومحرقة ومقبرة للغزاة.
قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.