احتفل عشرة آلاف عريس وعروس بزفافهم يوم أمس بتمويل ورعاية من هيئة الزكاة، كان اليمن يوم أمس يعيش أفراحا وأعراسا في كل قرية من قراه وفي كل حي من أحيائه، فقد كان اليمن يحضر في العرس الجماعي الذي شمل عشرة آلاف عريس وعروس من كل أبناء اليمن، وقد جسدت هذه الأفراح والأعراس هوية يمانية ينتصر بها شعبنا اليوم في ميدان التكافل الاجتماعي ويقدم رسالة راقية لكل العالم.
نبارك للعرسان الذين زفوا يوم أمس في العرس الجماعي وسط أجواء فرائحية فريدة ومتميزة يتميز ويتفرد بها اليمانيون دون سواهم من شعوب العالم، ومبارك لهم هذا الزفاف والعرس الميمون، ومبارك لليمن هذا العرس الجماعي الأكبر الذي يعتبر واحدا من مظاهر الصمود من خلاله يتفرد شعبنا على كل شعوب العالم في الأفراح والأعراس الجماعية، في الوقت الذي أراد العدوان أن يقتل الحياة ويوقف مظاهرها ويحول حياتنا إلى أحزان ومآسٍ بالقتل والتجويع والحصار.
الحديث حول هذا العرس الكبير والمهيب – الذي عمم الأفراح في كل البلاد- واسع جدا، لكني في هذه المقالة سأتوقف عند بعض النقاط حول الدلالات والرسائل:
أولا: إن هذا العرس الجماعي الذي يزف فيه عشرة آلاف شاب وشابة من أبناء هذا الشعب العزيز من الفقراء والمعاقين ومن ذوي الاحتياجات الخاصة ومن المرابطين واليتامى وأولاد الشهداء والجرحى والمكفوفين من كل محافظات اليمن العزيز، ومن الجاليات الأفريقية الكريمة، لهو رسالة صمود وعزم وانتصار، وهو أيضا مناسبة إنسانية راقية تجسد الهوية الإيمانية في صورة معبرة ومتميزة يتفرد بها شعبنا العزيز دون سواه.
ثانيا: في دلالات هذا العرس الجماعي من حيث أنه أكبر عرس جماعي يشهده العالم، ومن حيث أنه عرس جماعي يستهدف شريحة الفقراء والمساكين والمحتاجين والمرضى والمكفوفين وذوي الاحتياجات الخاصة والمرابطين وغيرهم، هو تميز يمني، فهو لا يشبه الأعراس الجماعية التي تقام في أكثر من بلد والتي لا يجد الفقراء فيها نصيبا بل تقتصر على الأغنياء، ونحن بهذا نجسد قيمة إيمانية عظيمة تترجم المعنى العميق للزكاة التي جعلها الله حقاً معلوماً في أموال الأغنياء للفقراء والمحتاجين.
ثالثا: يقودنا العرس الجماعي الأكبر إلى التأمل في مشاريع هيئة الزكاة وفي ما تقدمه من إعانات للفقراء والمساكين والغارمين وغيرهم، وفي ما تعمل عليه من مشاريع التمكين الاقتصادي بهدف تحويل الفقراء إلى منتجين، وفي إعمار البلاد وبما يحقق الغاية من هذه الفريضة المقدسة، وفي ذلك كله نموذج مشرف يجسد عظمة إقامة ركن من أركان الإسلام، فما أنجزته هيئة الزكاة في سنواتها القليلة لم يكن هينا ولا قليلا، وفي نفس الوقت لم نشهد نشاطاً لهيئة من هيئات الزكاة والواجبات في أي بلد إسلامي كما هو حال هيئة الزكاة في اليمن، وبالإشارة إلى ما كان عليه وضع الزكاة قبل إنشاء الهيئة، حين كان يعبث بها الفاسدون دون أن تفيد فقيراً واحداً، وما هي عليه الآن نتعرف على بركات الزكاة وثمارها العظيمة.
وبكل يقين وثقة فإن القادم مليء بالخير والبركات إن شاء الله.
رابعا: تزويج عشرة آلاف عريس وعروس إنجاز كبير لم يحصل في بلد، وهذا الإنجاز بركة من بركات الزكاة ، وفي ذلك ما فيه من رسائل إلى رجال الأعمال بأنه لم يعد عذر لأحد في التخلف عن دفع الزكاة التي هي حق معلوم وفريضة مقرونة بالصلاة، ولا حجة لأحد في التهرب من دفعها، فها هي مشاريع الزكاة تعود على كل اليمنيين وتذهب إلى المصارف الشرعية التي وضعها الله سبحانه وتعالى، وما العرس الجماعي إلا مشروع من مئات المشاريع التي تنفذها الهيئة، وإذا كان رجال الأعمال والتجار يدفعون زكاتهم في السابق وكانت تذهب إلى جيوب الفاسدين، فالأولى بهم اليوم أن يبادروا إلى دفعها إلى مصارفها الشرعية، دون تلكؤ أو تباطؤ، فالله عز من قائل يقول «والذين فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» ويقول «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ».
خامسا: منذ بداية إنشاء الهيئة العامة للزكاة، لم يتوقف العدوان وأبواقه ومرتزقته عن استهداف الهيئة العامة للزكاة بالدعايات والحملات الإعلامية والأكاذيب والأضاليل الرخيصة، ويوميا يضخ عشرات الدعايات ضد الهيئة ومشاريعها وأنشطتها وكادرها وما تقوم به، وليس ذلك إلا لأن هذا العدوان حاقد ومريض ولا يريد خيرا لأي يمني كان وفي أي منطقة، وليس لأنه حريص على حياة اليمنيين ويشعر بمعاناتهم، فمن يقتل اليمنيين ويحاصرهم منذ نحو ثمانية أعوام لا يمكن أن يكون فاعل خير معهم، وكاذب وهو يدعي الحرص على اليمنيين، وكاذب وهو يذرف دموع التماسيح على اليمنيين، ولا يصدق في ما يدعي وفي ما يقول، ومن هذا العرس الجماعي المهيب كانت الرسالة واضحة للعدوان وأبواقه «خسئتم وخاب مسعاكم، أما أكاذيبكم بالواقع والناس تدحضها «، ومن أكذب ممن مارس القتل وارتكب المذابح والدمار والحصار والتجويع بحق الشعب اليمني، ثم يظهر متباكيا على أوضاعهم.
سادسا: يبعث العرس الجماعي بدعوة جامعة شاملة إلى جميع اليمنيين، بأن خففوا الأثقال عن أنفسكم بتخفيف المهور وتيسير الزواج والحذر من خطورة المبالغة في التكاليف والمبالغة في الصرفيات والنفقات في الأعراس، فإن غلاء المهور يخالف سنة رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم، وفي ذلك أيضا مفاسد كبيرة لما يؤدي إليه من انتشار للعنوسة ومفاسد ذلك كبيرة، وإذا كان بمقدور الهيئة العامة للزكاة تزويج عشرة آلاف شاب وشابة اليوم، فإن بمقدورها تزويج عشرين ألف شاب إذا التزم الناس بتخفيض المهور ، وإذا كان هناك مائة ألف شاب عاجز عن تزويج نفسه اليوم، فإن الرقم سيكون أقل في حال التزام الناس بتخفيض المهور، والمطلوب من الجميع أن يكونوا عند مستوى المسؤولية وأن يتقوا الله في ذلك، وأن يعرفوا بأن في التيسيير يسر وفي الغلاء فحش، وأن المبالغة أثقال على الجميع دون استثناء.